ولما ذكر ما هددهم به من العذاب الشديد، أتبعه الهلاك فقال: فلما عتوا أي: تكبروا جلافة ويبسا عن الانتهاء عن ما نهوا عنه أي: بعد الأخذ بالعذاب الشديد، وتجاوزوا إلى بغاية الوقاحة وعدم المبالاة، كان مواقعتهم لذلك الذنب وإمهالهم مع الوعظ أكسبتهم ذلك وغلظت أكبادهم عن الخوف بزاجر العذاب، من عتا يعتو عتوا - إذا أقبل على الآثام، فهو عات، قال عبد الحق في كتابة الواعي: وقيل: إذا أقدم على كل أموره، ومنه هذه الآية، وقيل: العاتي هو المبالغ في ركوب المعاصي، وقيل: المتمرد الذي لا ينفع فيه الوعظ والتنبيه، ومنه قوله سبحانه: الاجتراء على جميع المعاصي عنادا وتكبرا فعتوا عن أمر ربهم أي: جاوزوا المقدار والحد في الكفر - انتهى.
وحقيقته: جاوزوا الأمر إلى النهي، أو جاوزوا الائتمار بأمره، والمادة ترجع إلى الغلظ والشدة والصلابة قلنا لهم أي: بما لنا من القدرة العظيمة كونوا قردة أي: في صورة القردة حال كونكم خاسئين أي: صاغرين مطرودين [ ص: 141 ] بعيدين عن الرحمة كما يبعد الكلب.