[ ص: 55 ] سورة البقرة
إقامة الدليل على [ أن ] الكتاب [ هدى ] ليتبع في كل [ ما ] قال ، وأعظم ما يهدي إليه الإيمان بالغيب ، ومجمعه الإيمان بالآخرة ، فمداره الإيمان بالبعث الذي أعربت عنه قصة البقرة [ التي مدارها الإيمان بالغيب ] ، فلذلك سميت بها السورة [ ص: 56 ] وكانت بذلك أحق من قصة مقصودها إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأنها في نوع البشر ومما تقدمها في قصة بني إسرائيل من الإحياء بعد الإماتة بالصعق وكذلك ما شاكلها ، لأن الإحياء في قصة البقرة عن سبب ضعيف في الظاهر بمباشرة من كان من آحاد الناس فهي أدل على القدرة ولا سيما وقد أتبعت بوصف القلوب والحجارة [ بما عم ] المهتدين بالكتاب والضالين ، فوصفها بالقسوة الموجبة للشقوة ووصفت الحجارة بالخشية الناشئة في الجملة عن التقوى المانحة للمدد المتعدي نفعه إلى عباد الله ، وفيها إشارة إلى أن هذا الكتاب فينا كما لو كان فينا خليفة من أولي العزم من الرسل يرشدنا في كل أمر إلى صواب [ ص: 57 ] المخرج منه ، فمن أعرض خاب ، ومن تردد كاد ، ومن أجاب اتقى وأجاد .
وسميت الزهراء لإنارتها طريق الهداية والكفاية في الدنيا والآخرة ، ولإيجابها إسفار الوجوه في يوم الجزاء لمن آمن بالغيب ولم يكن في شك مريب فيحال بينه وبين ما يشتهي . وبالسنام لأنه ليس في الإيمان بالغيب بعد التوحيد الذي هو الأساس الذي ينبني عليه كل خير والمنتهى الذي هو غاية السير والعالي على كل غير بأعلى [ ص: 58 ] ولا أجمع من الإيمان بالآخرة ، ولأن السنام أعلى ما في بطن المطية الحاملة ، والكتاب الذي هي سورته هو أعلى ما في الحامل للأمر وهو الشرع الذي أتاهم به رسولهم صلى الله عليه وسلم .