وقوله تعالى : هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة هذا من في قوله : المتشابه الذي أمرنا الله برده إلى المحكم هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه وإنما كان متشابها لاحتماله حقيقة اللفظ ، وإتيان الله واحتماله أن يريد أمر الله ودليل آياته ، كقوله في موضع آخر : هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك فجميع هذه الآيات المتشابهة محمولة على ما بينه في قوله أو يأتي ربك لأن الله تعالى لا يجوز عليه الإتيان ولا المجيء ولا الانتقال ولا الزوال؛ لأن ذلك من صفات الأجسام ودلالات الحدث . وقال تعالى في آية محكمة : ليس كمثله شيء وجعل إبراهيم عليه السلام ما شهده من حركات النجوم وانتقالها [ ص: 398 ] دليلا على حدثها ، واحتج به على قومه ، فقال الله عز وجل : وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه يعني في حدث الكواكب ، والأجسام ؛ تعالى الله عن قول المشبهة علوا كبيرا .
فإن قيل : فهل يجوز أن يقال : " جاء ربك " بمعنى جاء كتابه ، أو جاء رسوله ، أو ما جرى مجرى ذلك ؟ قيل له : هذا مجاز ، والمجاز لا يستعمل إلا في موضع يقوم الدليل عليه ، وقد قال تعالى : واسأل القرية التي كنا فيها وهو يريد أهل القرية ، وقال : إن الذين يؤذون الله ورسوله وهو يعني ، أولياء الله . والمجاز إنما يستعمل في الموضع الذي يقوم الدليل على استعماله فيه ، أو فيما لا يشتبه معناه على السامع .