والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم
والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض بيان لحسن حال المؤمنين والمؤمنات حالا ومآلا إثر بيان قبح حال أضدادهم عاجلا وآجلا، والتعبير عن نسبة هؤلاء بعضهم إلى بعض بالولاية وعن نسبة أولئك بـ"من" الاتصالية للإيذان بأن نسبة هؤلاء بطريق القرابة الدينية المبنية على المعاقدة المستتبعة للآثار من المعونة والنصرة وغير ذلك، ونسبة أولئك بمقتضى الطبيعة والعادة.
يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر أي: جنس المعروف والمنكر المنتظمين لكل خير وشر ويقيمون الصلاة فلا يزالون يذكرون الله سبحانه، فهو في مقابلة ما سبق من قوله تعالى: "نسوا الله" ويؤتون الزكاة بمقابلة قوله تعالى: "ويقبضون أيديهم" ويطيعون الله ورسوله أي: في كل أمر ونهي، وهو بمقابلة وصف المنافقين بكمال الفسق والخروج عن الطاعة.
أولئك إشارة إلى المؤمنين والمؤمنات باعتبار اتصافهم بما سلف من الصفات الفاضلة، وما فيه من معنى البعد للإشعار ببعد درجتهم في الفضل، أي: أولئك المنعوتون بما فصل من النعوت الجليلة سيرحمهم الله أي: يفيض عليهم آثار رحمته من التأييد والنصرة [ ص: 83 ] البتة، فإن السين مؤكدة للوقوع كما في قولك: سأنتقم منك.
إن الله عزيز تعليل للوعد، أي: قوي قادر على إعزاز أوليائه وقهر أعدائه حكيم يبني أحكامه على أساس الحكمة الداعية إلى إيصال الحقوق من النعمة والنقمة إلى مستحقيها من أهل الطاعة وأهل المعصية، وهذا وعد للمؤمنين متضمن لوعيد المنافقين، كما أن ما سبق في شأن المنافقين من قوله تعالى: "فنسيهم" وعيد لهم متضمن لوعد المؤمنين، فإن منع لطفه تعالى عنهم لطف في حق المؤمنين.