ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
85 - ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي أي : من أمر يعلمه ربي الجمهور على أنه الروح الذي في الحيوان سألوه عن حقيقته فأخبر أنه من أمر الله أي : مما استأثر بعلمه ، وعن لقد مضى النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يعلم الروح وقد عجزت الأوائل عن إدراك ماهيته بعد إنفاق الأعمار الطويلة على الخوض فيه ، والحكمة في ذلك تعجيز العقل عن إدراك معرفة مخلوق مجاور له ليدل على أنه عن إدراك خالقه أعجز ولذا رد ما قيل في حده: إنه جسم دقيق هوائي في كل جزء من الحيوان وقيل هو خلق عظيم روحاني أعظم من الملك ، وعن أبي هريرة - رضي الله عنهما - هو ابن عباس جبريل عليه السلام نزل به [ ص: 275 ] الروح الأمين على قلبك وعن القرآن دليله الحسن وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ولأن به حياة القلوب و"من أمر ربي" أي : من وحيه وكلامه ليس من كلام البشر ، وروي: أن اليهود بعثت إلىقريش أن سلوه عن أصحاب الكهف ، وعن ذي القرنين ، وعن الروح فإن أجاب عن الكل أو سكت عن الكل فليس بنبي وإن أجاب عن بعض وسكت عن بعض فهو نبي فبين لهم القصتين وأبهم أمر الروح وهو مبهم في التوراة فندموا على سؤالهم وقيل كان السؤال عن خلق الروح يعني: أهو مخلوق أم لا وقوله من أمر ربي دليل فكان هذا جوابا خلق الروح وما أوتيتم من العلم إلا قليلا الخطاب عام ، فقد روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قال لهم ذلك قالوا نحن مختصون بهذا الخطاب أم أنت معنا فيه فقال :بل نحن وأنتم لم نؤت من العلم إلا قليلا ، وقيل هو خطاب لليهود خاصة ؛ لأنهم قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أوتينا التوراة وفيها الحكمة وقد تلوت ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا فقيل لهم إن علم التوراة قليل في جنب علم الله فالقلة والكثرة من الأمور الإضافية فالحكمة التي أوتيها العبد خير كثير في نفسها إلا أنها إذا أضيفت إلى علم الله تعالى فهي قليلة