قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم
والسبط: الحافد، وكان الحسن سبطي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "والأسباط": حفدة والحسين يعقوب ذراري أبنائه الاثني عشر لا نفرق بين أحد منهم : لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض، كما فعلت اليهود والنصارى، و"أحد" في معنى الجماعة، ولذلك صح دخول "بين" عليه بمثل ما آمنتم به : من باب التبكيت; لأن دين الحق واحد لا مثل له وهو دين الإسلام ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه [آل عمران : 85] فلا يوجد إذا [ ص: 335 ] دين آخر يماثل دين الإسلام في كونه حقا، حتى إن آمنوا بذلك الدين المماثل له كانوا مهتدين، فقيل: فإن آمنوا بكلمة الشك على سبيل الفرض والتقدير، أي: فإن حصلوا دينا آخر مثل دينكم مساويا له في الصحة والسداد فقد اهتدوا، وفيه أن دينهم الذي هم عليه وكل دين سواه مغاير له غير مماثل; لأنه حق وهدى وما سواه باطل وضلال. ونحو هذا قولك للرجل الذي تشير عليه: هذا هو الرأي الصواب، فإن كان عندك رأي أصوب منه فاعمل به، وقد علمت أن لا أصوب من رأيك، ولكنك تريد تبكيت صاحبك، وتوقيفه على أن ما رأيت لا رأي وراءه، ويجوز أن لا تكون الباء صلة وتكون باء الاستعانة، كقولك: كتبت بالقلم، وعملت بالقدوم أي: فإن دخلوا في الإيمان بشهادة مثل شهادتكم التي آمنتم بها.
وقرأ ابن عباس : (بما آمنتم به) وقرأ وابن مسعود (بالذي آمنتم به) أبي: وإن تولوا : عما تقولون لهم ولم ينصفوا فما هم إلا في شقاق : أي في مناوأة ومعاندة لا غير، وليسوا من طلب الحق في شيء. أو: وإن تولوا عن الشهادة والدخول في الإيمان بها فسيكفيكهم الله : ضمان من الله لإظهار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهم، وقد أنجز وعده بقتل قريظة وسبيهم وإجلاء بني النضير، ومعنى السين أن ذلك كائن لا محالة وإن تأخر إلى حين وهو السميع العليم : وعيد لهم، أي يسمع ما ينطقون به، ويعلم ما يضمرون من الحسد والغل، وهو معاقبهم عليه، أو وعد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمعنى: يسمع ما تدعو به ويعلم نيتك وما تريده من إظهار دين الحق، وهو مستجيب لك وموصلك إلى مرادك.