وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين
[ ص: 408 ] "ذو الظفر" : ما له أصبع من دابة أو طائر ، وكان بعض ذات الظفر حلالا لهم ، فلما ظلموا حرم ذلك عليهم ، فعم التحريم كل ذي ظفر ; بدليل قوله : فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم [النساء : 160] وقوله : ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما ، كقولك : من زيد أخذت ماله ، تريد الإضافة زيادة الربط ، والمعنى : أنه حرم عليهم لحم كل ذي ظفر ، وشحمه ، وكل شيء منه ، وترك البقر ، والغنم على التحليل ، لم يحرم منهما إلا الشحوم الخالصة ، وهي الثروب ، وشحوم الكلى ، وقوله : إلا ما حملت ظهورهما ، يعني : إلا ما اشتمل على الظهور والجنوب من السحفة أو الحوايا : أو اشتمل على الأمعاء أو ما اختلط بعظم : وهو شحم الألية ، وقيل : "الحوايا" : عطف على شحومهما ، و "أو" بمنزلتها في قولهم : جالس أو الحسن "ذلك" الجزاء ، "جزيناهم" : وهو تحريم الطيبات ، "ببغيهم" : بسبب ظلمهم ابن سيرين ، وإنا لصادقون : فيما أوعدنا به العصاة لا نخلفه ، كما لا نخلف ما وعدناه أهل الطاعة ، فلما عصوا ، وبغوا ، ألحقنا بهم الوعيد ، وأحللنا بهم العقاب فإن كذبوك : في ذلك ، وزعموا أن الله واسع الرحمة ، وأنه لا يؤاخذ بالبغي ، ويخلف الوعيد جودا وكرما ، "فقل" : لهم ربكم ذو رحمة واسعة لأهل طاعته ولا يرد بأسه : مع سعة رحمته عن القوم المجرمين : فلا تغتر برجاء رحمته عن خوف نقمته .