أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون
صيد البحر : مصيدات البحر مما يؤكل وما لا يؤكل وطعامه : وما يطعم من صيده والمعنى : أحل لكم الانتفاع بجميع ما يصاد في البحر ، وأحل لكم أكل المأكول منه وهو السمك وحده عند ، وعند أبي حنيفة جميع ما يصاد منه ، على أن تفسير الآية عنده أحل لكم صيد حيوان البحر وأن تطعموه ابن أبي ليلى متاعا لكم : مفعول له ، أي : أحل لكم تمتيعا لكم وهو في المفعول له بمنزلة قوله تعالى : ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة [الأنبياء : 72] في باب الحال ، لأن قوله : متاعا لكم مفعول له مختص بالطعام ، كما أن نافلة الحال مختصة ب "يعقوب" ، يعني أحل لكم طعامه تمتيعا لتنائكم يأكلونه طريا ، ولسيارتكم يتزودونه قديدا ، كما تزود موسى - عليه السلام - الحوت في مسيره إلى الخضر عليهما السلام ، وقرئ : "وطعمه" ، وصيد البر : ما صيد فيه ، وهو ما يفرخ فيه وإن كان يعيش في الماء في بعض الأوقات ، كطير الماء عند ، واختلف فيه فمنهم من حرم على المحرم كل شيء يقع عليه اسم الصيد ، وهو قول أبي حنيفة عمر ، وعن وابن عباس أبي هريرة وعطاء ومجاهد أنهم أجازوا للمحرم أكل ما صاده الحلال ، وإن صاده لأجله ، إذا لم يدل ولم يشر ، وكذلك ما ذبحه قبل إحرامه وهو مذهب وسعيد بن جبير : وأصحابه - رحمه الله - ، وعند أبي حنيفة مالك والشافعي وأحمد - رحمهم الله - : لا يباح له ما صيد لأجله . فإن قلت : ما يصنع بعموم قوله : صيد البر؟ قلت : قد أخذ أبو حنيفة - رحمه الله - بالمفهوم من قوله : أبو حنيفة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما : لأن ظاهره أنه [ ص: 298 ] صيد المحرمين دون صيد غيرهم لأنهم هم المخاطبون فكأنه قيل : وحرم عليكم ما صدتم في البر ، فيخرج منه مصيد غيرهم ومصيدهم حين كانوا غير محرمين ، ويدل عليه قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم وقرأ - رضي الله عنه - : "وحرم عليكم صيد البر" ، أي : الله عز وجل ، وقرئ "ما دمتم" بكسر الدال ، فيمن يقول دام يدام . ابن عباس