[ ص: 396 ] سورة الشرح
مكية، وآياتها ثمان [نزلت بعد الضحى]
بسم الله الرحمن الرحيم
ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك
استفهم عن انتفاء الشرح على وجه الإنكار، فأفاد إثبات الشرح وإيجابه، فكأنه قيل: شرحنا لك صدرك; ولذلك عطف عليه: وضعنا: اعتبارا للمعنى. ومعنى: شرحنا صدرك: فسحناه حتى وسع عموم النبوة ودعوة الثقلين جميعا. أو حتى 2 احتمل المكاره التي يتعرض لك بها كفار قومك وغيرهم: أو فسحناه بما أودعناه من العلوم والحكم، وأزلنا عنه الضيق والحرج الذي يكون مع العمى والجهل. وعن : ملئ حكمة وعلما. وعن الحسن أنه قرأ: "ألم نشرح لك" بفتح الحاء. وقالوا: لعله بين الحاء وأشبعها في مخرجها، فظن السامع أنه فتحها، والوزر الذي أنقض ظهره - أي: حمله على النقيض وهو صوت الانتقاض والانفكاك لثقله - مثل لما كان يثقل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويغمه من فرطاته قبل النبوة. أو من جهله بالأحكام والشرائع. أو من تهالكه على إسلام أولي العناد من قومه وتلهفه. ووضعه عنه: أن غفر له، أو علم الشرائع، أو مهد عذره بعد ما بلغ وبلغ. وقرأ أبي جعفر المنصور : "وحللنا" حططنا. وقرأ أنس : "وحللنا عنك وقرك". ورفع ذكره: أن قرن بذكر الله في كلمة الشهادة والأذان والإقامة والتشهد والخطب، وفي غير موضع من القرآن ابن مسعود والله ورسوله أحق أن يرضوه [التوبة: 62]. ومن يطع الله ورسوله [النساء: 13]. وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول [المائدة: 92]. وفي تسميته رسول الله ونبي الله; ومنه ذكره في كتب الأولين، والأخذ على الأنبياء وأممهم أن يؤمنوا به، فإن قلت: أي فائدة في زيادة "لك"، والمعنى مستقل بدونه؟ قلت: في [ ص: 397 ] زيادة "لك" ما في طريقة الإبهام والإيضاح، كأنه قيل: ألم نشرح لك، ففهم أن ثم مشروحا، ثم قيل: صدرك، فأوضح ما علم مبهما، وكذلك لك ذكرك و عنك وزرك .