وكان الرجل إذا طمحت عينه إلى استطراف امرأة بهت التي تحته ورماها بفاحشة حتى يلجئها إلى الافتداء منه بما أعطاها ليصرفه إلى تزوج غيرها . فقيل : وإن أردتم استبدال زوج الآية ، والقنطار : المال العظيم ، من قنطرت الشيء إذا رفعته ، ومنه القنطرة ، لأنها بناء مشيد . قال [من الطويل] :
كقنطرة الرومي أقسم ربها لتكتنفن حتى تشاد بقرمد
وعن - رضي الله عنه - أنه قام خطيبا فقال : أيها الناس ، لا تغالوا بصدق النساء ، فلو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما أصدق امرأة من نسائه أكثر من اثنتي عشر أوقية ، فقامت إليه امرأة فقالت له : يا أمير المؤمنين ، لم تمنعنا حقا جعله الله لنا والله يقول : عمر وآتيتم إحداهن قنطارا فقال : كل أحد أعلم من عمر ثم قال لأصحابه : تسمعونني أقول مثل هذا القول فلا تنكرونه علي حتى ترد علي امرأة ليست من أعلم النساء، والبهتان : أن تستقبل الرجل بأمر قبيح [ ص: 47 ] تقذفه به وهو بريء منه ، لأنه يبهت عند ذلك ، أي : يتحير ، وانتصب عمر بهتانا : على الحال ، أي : باهتين وآثمين ، أو على أنه مفعول له وإن لم يكن غرضا ، كقولك : قعد عن القتال جبنا ، والميثاق الغليظ : حق الصحبة والمضاجعة ، كأنه قيل : وأخذن به منكم ميثاقا غليظا ، أي بإفضاء بعضكم إلى بعض ، ووصفه بالغلظ لقوته وعظمه ، فقد قالوا : صحبة عشرين يوما قرابة ، فكيف بما يجري بين الزوجين من الاتحاد والامتزاج؟ وقيل : هو من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم : قول الولي عند العقد : أنكحتك على ما في كتاب الله "استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان في أيديكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله" .