ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا
السفهاء : المبذرون أموالهم الذين ينفقونها فيما لا ينبغي ولا يد لهم بإصلاحها وتثميرها والتصرف فيها ، والخطاب للأولياء : وأضاف الأموال إليهم لأنها من جنس ما يقيم به الناس معايشهم ، كما قال : ولا تقتلوا أنفسكم [النساء : 29] فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات [النساء : 25] والدليل على أنه خطاب للأولياء في أموال اليتامى قوله : وارزقوهم فيها واكسوهم ، جعل الله لكم قياما : أي تقومون بها وتنتعشون ، ولو ضيعتموها لضعتم فكأنها في أنفسها قيامكم وانتعاشكم ، وقرئ : "قيما" ، بمعنى قياما ، كما جاء عوذا بمعنى عياذا ، وقرأ : "قواما" ، بالواو ، وقوام الشيء : ما يقام به ، كقولك هو ملاك الأمر لما يملك به ، وكان السلف يقولون : المال سلاح المؤمن ، ولأن أترك ما لا يحاسبني الله عليه ، خير من أن أحتاج إلى الناس ، وعن عبد الله بن عمر - وكانت له بضاعة يقلبها - : لولاها لتمندل بي بنو سفيان ، وعن غيره - وقيل له : إنها تدنيك من الدنيا - : لئن أدنتني من الدنيا لقد صانتني عنها ، وكانوا يقولون : اتجروا واكتسبوا ، فإنكم في زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل دينه ، وربما رأوا رجلا في جنازة فقالوا له : اذهب إلى دكانك العباس وارزقوهم فيها : واجعلوها مكانا لرزقهم بأن تتجروا فيها وتتربحوا ، حتى تكون نفقتهم من الأرباح لا من صلب المال فلا يأكلها الإنفاق ، وقيل : هو أمر لكل أحد أن لا يخرج ماله إلى أحد من السفهاء ، قريب أو أجنبي ، رجل أو امرأة ، يعلم أنه يضعه فيما لا ينبغي ويفسده قولا معروفا : قال : عدة جميلة ، إن صلحتم ورشدتم سلمنا إليكم أموالكم ، وعن ابن جريج : إذا ربحت أعطيتك ، وإن [ ص: 21 ] غنمت في غزاتي جعلت لك حظا ، وقيل : إن لم يكن ممن وجبت عليك نفقته فقل : عافانا الله وإياك ، بارك الله فيك ، وكل ما سكنت إليه النفس وأحبته لحسنه عقلا أو شرعا من قول أو عمل ، فهو معروف ، وما أنكرته ونفرت منه لقبحه ، فهو منكر . عطاء