[ ص: 582 ] ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون
الفساد في البر والبحر نحو : الجدب ، والقحط ، وقلة الريع في الزراعات والربح في التجارات ، ووقوع الموتان في الناس والدواب ، وكثرة الحرق والغرق ، وإخفاق الصيادين والغاصة ، ومحق البركات من كل شيء ، وقلة المنافع في الجملة وكثرة المضار . وعن : أجدبت الأرض وانقطعت مادة البحر . وقالوا : إذا انقطع القطر عميت دواب البحر . وعن ابن عباس أن المراد بالبحر : مدن البحر وقراه التي على شاطئه . وعن الحسن : عكرمة العرب تسمي الأمصار البحار . وقرئ : "في البر والبحور" بما كسبت أيدي الناس [الروم : 41 ] بسبب معاصيهم وذنوبهم ، كقوله تعالى : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم [الشورى : 30 ] وعن ابن عباس ظهر الفساد في البر بقتل ابن آدم أخاه . وفي البحر بأن جلندي كان يأخذ كل سفينة غصبا : وعن : كان ذلك قبل البعث ، فلما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجع راجعون عن الضلال والظلم . ويجوز أن يريد ظهور الشر والمعاصي بكسب الناس ذلك . فإن قلت : ما معنى قوله : قتادة ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ؟ قلت أما على التفسير الأول فظاهر ، وهو أن الله قد أفسد أسباب دنياهم ومحقها ، ليذيقهم وبال بعضهم أعمالهم في الدنيا قبل أن يعاقبهم بجميعها في الآخرة ، لعلهم يرجعون عما هم عليه . وأما على الثاني فاللام مجاز ، على معنى أن ظهور الشرور بسببهم مما استوجبوا به أن يذيقهم الله وبال أعمالهم إرادة الرجوع ، فكأنهم إنما أفسدوا وتسببوا لفشو المعاصي في الأرض لأجل ذلك . وقرئ : "لنذيقهم" بالنون .