وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا
" إن" الأولى نافية ، والثانية مخففة من الثقيلة ، واللام هي الفارقة بينهما . واتخذه هزوا : في معنى استهزأ به ، والأصل : اتخذه موضع هزؤ ، أو مهزوءا به "أهذا" محكى بعد القول المضمر . وهذا استصغار ، و بعث الله رسولا وإخراجه في معرض التسليم والإقرار ، وهم على غاية الجحود والإنكار سخرية واستهزاء ، ولو لم يستهزئوا لقالوا : أهذا الذي زعم أو ادعى أنه مبعوث من عند الله رسولا . وقولهم : إن كاد ليضلنا دليل على فرط مجاهدة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في دعوتهم ، وبذله قصارى الوسع والطاقة في استعطافهم ، مع عرض الآيات والمعجزات عليهم حتى شارفوا بزعمهم أن يتركوا دينهم إلى دين الإسلام ، لولا فرط لجاجهم واستمساكهم بعبادة آلهتهم ، و " لولا" في مثل هذا الكلام جار من حيث المعنى -لا من حيث الصنعة- مجرى التقييد للحكم المطلق وسوف يعلمون وعيد ودلالة على أنهم لا يفوتونه وإن طالت مدة الإمهال ، ولا بد للوعيد أن يلحقهم فلا يغرنهم التأخير . وقوله : من أضل سبيلا كالجواب عن قولهم إن كاد ليضلنا لأنه نسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم- إلى الضلال من حيث لا يضل غيره إلا من هو ضال في نفسه . ويروى أنه من قول جهل لعنه الله .