فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى
عن : إن نجواهم : إن غلبنا ابن عباس موسى اتبعناه . وعن : إن كان ساحرا فسنغلبه ، وإن كان من السماء فله أمر ، وعن قتادة لما قال : وهب "ويلكم " . . . الآية ، قالوا : ما هذا بقول ساحر ، والظاهر أنهم تشاوروا في السر ، وتجاذبوا أهداب القول ، ثم قالوا : إن هذان لساحران ، فكانت نجواهم في تلفيق هذا الكلام وتزويره ؛ خوفا من غلبتهما ، وتثبيطا للناس عن اتباعهما ، قرأ : "إن هذين لساحران " : على الجهة الظاهرة المكشوفة ، أبو عمرو وابن كثير وحفص : "إن هذان لساحران " ، على قولك : إن زيد لمنطلق ، واللام [ ص: 92 ] هي الفارقة بين إن النافية والمخففة من الثقيلة ، وقرأ : "إن ذان إلا ساحران " ، وقرأ أبي : "أن هذان ساحران " : بفتح أن وبغير لام ، بدل من النجوى ، وقيل في القراءة المشهورة : "إن هذان لساحران" هي لغة ابن مسعود بلحارث بن كعب ، جعلوا الاسم المثنى نحو الأسماء التي آخرها ألف ، كعصا وسعدى ، فلم يقلبوها ياء في الجر والنصب ، وقال بعضهم : " أن" بمعنى : نعم ، و "ساحران " : خبر مبتدأ محذوف ، واللام داخلة على الجملة تقديره : لهما ساحران ، وقد أعجب به سموا مذهبهم الطريقة : أبو إسحاق "المثلى " ، والسنة : الفضلى ، وكل حزب بما لديهم فرحون ، وقيل : أرادوا أهل طريقتهم المثلى ، وهم : بنو إسرائيل ؛ لقول موسى : فأرسل معنا بني إسرائيل [طه : 47 ] ، وقيل : "الطريقة " : اسم لوجوه الناس وأشرافهم الذين هم قدوة لغيرهم ، يقال : هم طريقة قومهم ، ويقال للواحد أيضا - : هو طريقة قومه ، فأجمعوا كيدكم ، يعضده قوله : فجمع كيده وقرئ : "فأجمعوا كيدكم" أي : أزمعوه واجعلوه مجمعا عليه ، حتى لا تختلفوا ولا يخلف عنه واحد منكم ، كالمسألة المجمع عليها ، أمروا بأن يأتوا صفا ؛ لأنه أهيب في صدور الرائين ، وروي : أنهم كانوا سبعين ألفا مع كل واحد منهم حبل وعصا ، وقد أقبلوا إقبالة واحدة ، وعن أنه فسر الصف بالمصلى ؛ لأن الناس يجتمعون فيه لعيدهم وصلاتهم مصطفين ، ووجه صحته أن يقع علما لمصلى بعينه ، فأمروا بأن يأتوه ، أو يراد : ائتوا مصلى من المصليات ، أبي عبيدة وقد أفلح اليوم من استعلى : اعتراض ، يعني : وقد فاز من غلب .