وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا
"بينات " : مرتلات الألفاظ ، ملخصات المعاني ، مبينات المقاصد : إما محكمات أو متشابهات ، قد تبعها البيان بالمحكمات ، أو بتبيين الرسول قولا أو فعلا ، أو ظاهرات الإعجاز تحدى بها فلم يقدر على معارضتها ، أو حججا وبراهين ، والوجه أن تكون حالا مؤكدة ، كقوله تعالى : وهو الحق مصدقا [البقرة : 91 ] ؛ لأن آيات الله لا تكون إلا واضحة وحججا للذين آمنوا : يحتمل أنهم يناطقون المؤمنين بذلك ويواجهونهم به ، وأنهم يفوهون به لأجلهم وفي معناهم ، كقوله تعالى : وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه [الأحقاف : 11 ] ، قرأ : "مقاما " : بالضم ، وهو موضع الإقامة والمنزل ، والباقون : بالفتح وهو موضع القيام ، والمراد : المكان والموضع ، والندى : المجلس ومجتمع القوم ، وحيث ينتدون ، والمعنى : أنهم إذا سمعوا الآيات وهم جهلة لا يعلمون إلا ظاهرا من الحياة الدنيا ؛ وذلك مبلغهم من العلم ، قالوا : أي الفريقين من المؤمنين بالآيات والجاحدين لها أوفر حظا من الدنيا حتى يجعل ذلك عيارا على الفضل والنقص ، والرفعة والضعة ، ويروى أنهم كانوا يرجلون شعورهم ويدهنون ويتطيبون ويتزينون بالزين الفاخرة ، ثم يدعون مفتخرين على فقراء المسلمين أنهم أكرم على الله منهم . ابن كثير