يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون
قوله عز وجل: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر فإن قيل: فأهل الكتاب قد آمنوا بالله واليوم الآخر فكيف قال ذلك فيهم ؟ ففيه جوابان: أحدهما: أن إقرارهم باليوم الآخر يوجب الإقرار بجميع حقوقه ، فكانوا بترك الإقرار بحقوقه كمن لا يقر به. والثاني: أنه ذمهم ذم من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر للكفر بنعمته ، وهم في الذم بالكفر كغيرهم. ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله فيه وجهان: أحدهما: أنه ما أمر الله سبحانه وتعالى بنسخه من شرائعهم. والثاني: ما أحله لهم وحرمه عليهم. ولا يدينون دين الحق والحق هنا هو الله تعالى ، وفي المراد بدينه في هذا الموضع وجهان: [ ص: 351 ] أحدهما: العمل بما في التوراة من اتباع الرسول ، قاله . والثاني: الدخول في دين الإسلام لأنه ناسخ لما سواه من الأديان ، وهو قول الجمهور. الكلبي من الذين أوتوا الكتاب فيه وجهان: أحدهما: يعني من آباء الذين أوتوا الكتاب.
الثاني: من الذين أوتوا الكتاب بين أظهرهم لأنه في اتباعه كآبائهم. حتى يعطوا الجزية فيه تأويلان: أحدهما: حتى يضمنوا الجزية وهو قول لأنه يرى أن الجزية تجب بالقضاء الحول وتؤخذ معه. والثاني: حتى يدفعوا الجزية. وفي الجزية وجهان: أحدهما: أنها من الأسماء المجملة لا يوفق على علمها إلا بالبيان. والثاني: أنها من الأسماء العامة التي يجب إجراؤها على عمومها إلا ما خص بالدليل. ثم قال تعالى: الشافعي عن يد وفيه أربعة تأويلات: أحدها: عن غنى وقدرة. والثاني: أنها من عطاء لا يقابله جزاء ، قاله . والثالث: أن يروا أن لنا في أخذها منهم يدا عليهم بحقن دمائهم بها. والرابع: يؤدونها بأيديهم ولا ينفذونها مع رسلهم كما يفعله المتكبرون. أبو عبيدة وهم صاغرون فيه خمسة أقاويل: أحدها: أن يكونوا قياما والآخذ لها جالسا ، قاله . والثاني: أن يمشوا بها وهم كارهون ، قاله عكرمة . والثالث: أن يكونوا أذلاء مقهورين ، قاله ابن عباس [ ص: 352 ] والرابع: أن دفعها هو الصغار بعينه. والخامس: أن الصغار أن تجري عليهم أحكام الإسلام ، قاله الطبري. . الشافعي