وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما
قوله تعالى: وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا الآية اختلف في سبب نزول هذه الآية على قولين: [ ص: 533 ]
أحدهما: أنها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هم بطلاق فجعلت يومها سودة بنت زمعة على ألا يطلقها ، فنزلت هذه الآية فيها. وهذا قول لعائشة والقول الثاني: أنها عامة في كل امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا. والنشوز: الترفع عنها لبغضها ، والإعراض: أن ينصرف عن الميل إليها لمؤاخذة أو أثرة. السدي. فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا إما من ترك مهر أو إسقاط قسم. والصلح خير فيه تأويلان: أحدهما: يعني خيرا من النشوز والإعراض ، وهو قول بعض البصريين. والثاني: خير من الفرقة ، وهو قول الزجاج. وأحضرت الأنفس الشح فيه تأويلان: أحدهما: أنفس النساء أحضرت الشح عن حقوقهن من أزواجهن وأموالهن ، وهذا قول ، ابن عباس . والثاني: أحضرت نفس كل واحد من الرجل والمرأة الشح بحقه قبل صاحبه ، وهو قول وسعيد بن جبير . قوله تعالى: الحسن ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء يعني بقلوبكم ومحبتكم. ولو حرصتم فيه تأويلان: أحدهما: ولو حرصتم أن تعدلوا في المحبة ، وهو قول مجاهد. والثاني: ولو حرصتم في الجماع ، وهو قول . ابن عباس فلا تميلوا كل الميل أي فلا تميلوا بأفعالكم فتتبعوها أهواءكم. فتذروها كالمعلقة يعني لا أيما ولا ذات زوج. قوله تعالى: وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته يعني الزوجين إن تفرقا بالطلاق. [ ص: 534 ]
يغن الله كلا من سعته يحتمل ثلاثة أوجه: أحدها: يغني الله كل واحد منهما بالقناعة والصبر عن صاحبه ، ومعنى قوله: من سعته أي من رحمته ، لأنه واسع الرحمة. والثاني: يغني الله كل واحد منهما عن صاحبه بمن هو خير منه ، ومعنى قوله: من سعته أي من قدرته لأنه واسع القدرة. والثالث: يغني الله كل واحد منهما بمال يكون أنفع له من صاحبه. ومعنى قوله: من سعته أي من غناه لأنه واسع الغنى.