وأنا لمسنا السماء فيه وجهان :
أحدهما : طلبنا السماء ، والعرب تعبر عن الطلب باللمس تقول جئت ألمس الرزق وألتمس الرزق .
الثاني : قاربنا السماء ، فإن الملموس مقارب . فوجدناها أي طرقها .
[ ص: 112 ]
ملئت حرسا شديدا هم الملائكة الغلاظ الشداد . وشهبا جمع شهاب وهو انقضاض الكواكب المحرقة لهم عند استراق السمع ، واختلف في انقضاضها في الجاهلية قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم على قولين :
أحدهما : أنها كانت تنقض في الجاهلية ، وإنما زادت بمبعث الرسول إنذارا بحاله ، قال أوس بن حجر ، وهو جاهلي
فانقض كالدري يتبعه نقع يثور تخاله طنبا
وهذا قول الأكثرين .
الثاني : أن الانقضاض لم يكن قبل المبعث وإنما أحدثه الله بعده ، قال : وكل شعر روي فيه فهو مصنوع . الجاحظ وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع يعني أن مردة الجن كانوا يقعدون من السماء الدنيا مقاعد للسمع يستمعون من الملائكة أخبار السماء حتى يلقوها إلى الكهنة فتجري على ألسنتهم ، فحرسها الله حين بعث رسوله بالشهب المحرقة ، فقالت الجن حينئذ : فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا يعني بالشهاب الكوكب المحرق ، والرصد من الملائكة . أما الوحي فلم تكن الجن تقدر على سماعه ، لأنهم كانوا مصروفين عنه من قبل . وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا فيه وجهان :
أحدهما : أنهم لا يدرون هل بعث الله محمدا ليؤمنوا به ويكون ذلك منهم رشدا ولهم ثوابا ، أم يكفروا به فيكون ذلك منهم شرا وعليهم عقابا ، وهذا معنى قول السدي . وابن جريج
الثاني : أنهم لا يدرون حراسة السماء بالشهب هل شر وعذاب أم رشد وثواب ، قاله . ابن زيد
[ ص: 113 ]