قوله تعالى: الطلاق مرتان فيه تأويلان: أحدهما: أنه بيان وتقديره: بالثلاث ، وأنه يملك في الاثنين الرجعة ولا يملكها في الثالثة ، وهو قول لعدد الطلاق عروة ، وروى وقتادة عن أبيه قال: هشام بن عروة
امرأته ، فغضب رجل من الأنصار على امرأته ، فقال لها: لا أقربك ولا تختلين مني ، قالت له كيف؟ أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك ، فشكت زوجها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى: الطلاق مرتان الآية. والتأويل الثاني: أنه بيان لسنة الطلاق أن يوقع في كل قول طلقة واحدة ، وهو قول كان الرجل يطلق ناسيا ، إن راجع امرأته قبيل أن تنقضي عدتها كانت [ ص: 294 ] ، عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عباس قوله تعالى: ومجاهد. فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان فيه تأويلان: الأول: هذا في الطلقة الثالثة ، روى ، عن سفيان إسماعيل بن سميع ، عن أبي رزين قال: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، وهذا قول جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الطلاق مرتان فأين الثالثة؟ قال: ، عطاء والثاني: ومجاهد. فإمساك بمعروف الرجعة بعد الثانية أو تسريح بإحسان والإمساك عن رجعتها حتى تنقضي العدة ، وهو قول ، السدي الإحسان هو تأدية حقها ، والكف عن أذاها. ثم قال تعالى: والضحاك. ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا يعني من الصداق إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله قرأ بضم الياء من (يخافا) ، وقرأ الباقون بفتحها ، والخوف ههنا بمعنى الظن ، ومنه قول الشاعر: حمزة
أتاني كلام عن نصيب يقوله وما خفت بالإسلام أنك عائبي
يعني وما ظننت. وفي أن يخافا ألا يقيما حدود الله أربعة تأويلات: أحدها: أن يظهر من المرأة النشوز وسوء الخلق ، وهو قول . [ ص: 295 ] ابن عباس
والثاني: أن لا تطيع له أمرا ، ولا تبر له قسما ، وهو قول ، الحسن والثالث: هو أن يبدي لسانها أنها له كارهة ، وهو قول والشعبي. والرابع: أن يكره كل واحد منهما صاحبه ، فلا يقيم كل واحد منهما ما أوجب الله عليه من حق صاحبه ، وهو قول عطاء. ، طاوس ، وسعيد بن المسيب ، روى والقاسم بن محمد ، عن ثابت بن يزيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عقبة بن عامر . يعني التي تخالع زوجها لميلها إلى غيره. ثم قال تعالى: (المختلعات والمنتزعات هن المنافقات) فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به فيه قولان: أحدهما: افتدت به نفسها من الصداق وحده من غير زيادة ، وهو قول ، علي ، وعطاء ، والزهري ، وابن المسيب ، والشعبي ، والحكم والقول الثاني: يجوز أن تخالع زوجها بالصداق وبأكثر منه ، وهذا قول والحسن. ، عمر ، وابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة والنخعي ، . روى والشافعي أن عبد الله بن محمد بن عقيل: حدثته قالت: كان لي زوج يقل علي الخبز إذا حضر ، ويحرمني إذا غاب ، قالت: وكانت مني زلة يوما فقلت: أنخلع منك بكل شيء أملكه ، قال: نعم ، قالت ففعلت ، قالت: فخاصم عمي الربيع بنت معوذ بن عفراء معاذ بن عفراء إلى ، فأجاز الخلع ، وأمره أن يأخذ ما دون عقاص الرأس. واختلفوا في نسخها ، فحكي عن عثمان بن عفان أن الخلع منسوخ بقوله تعالى: بكر بن عبد الله وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا [النساء: 20] وذهب الجمهور إلى أن حكمها ثابت في [ ص: 296 ] جواز الخلع.
وقد روى أيوب ، عن كثير مولى سمرة أن رضي الله عنه أتي بامرأة ناشزة ، فأمر بها إلى بيت كثير ، فحبسها ثلاثا ، ثم دعاها فقال: كيف وجدت مكانك؟ قالت: ما وجدت راحة منذ كنت إلا هذه الليالي التي حبستني ، فقال لزوجها: اخلعها ولو من قرطها. وقوله تعالى: عمر بن الخطاب فإن طلقها فيه قولان: أحدهما: أنها الطلقة الثالثة وهو قول والثاني: أن ذلك تخيير لقوله تعالى: السدي. أو تسريح بإحسان ، وهو قول مجاهد. فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره يعني أنها ، وفيه قولان: أحدهما: أن نكاح الثاني إذا طلقها منه أحلها للأول سواء دخل بها أو لم يدخل ، وهو قول لا تحل للزوج المطلق ثلاثا حتى تنكح زوجا آخر والثاني: أنها لا تحل للأول بنكاح الثاني ، حتى يدخل بها فتذوق عسيلته ويذوق عسيلتها ، للسنة المروية فيه ، وهو قول الجمهور. سعيد بن المسيب.