وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب
قوله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله وقرأ فيما رواه عنه ابن مسعود وأتموا الحج والعمرة بالبيت واختلفوا في تأويل إتمامها على خمسة أقاويل: أحدها: يعني وأتموا الحج لمناسكه وسننه ، وأتموا العمرة بحدودها وسنتها ، وهذا قول علقمة: ، مجاهد والثاني: أن إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك ، وهذا قول وعلقمة بن قيس. ، علي ، وطاوس . والثالث: أن إتمام العمرة أن نخدم بها في غير الأشهر الحرم ، وإتمام الحج أن تأتي بجميع مناسكه ، حتى لا يلزم دم لجبران نقصان ، وهذا قول وسعيد بن جبير والرابع: أن تخرج من دويرة أهلك لأجلهما ، لا تريد غيرهما من تجارة ، ولا مكسب ، وهذا قول قتادة. والخامس: أن إتمامهما واجب بالدخول فيهما ، وهذا قول سفيان الثوري. ، الشعبي ، وأبي بردة ، وابن زيد ثم قال تعالى: ومسروق. فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي في هذا قولان: أحدهما: أنه كل حابس من عدو ، أو مرض ، أو عذر ، وهو قول الإحصار ، مجاهد ، وقتادة ، وعطاء [ ص: 255 ] وأبي حنيفة.
والثاني: أنه الإحصار بالعدو ، دون المرض ، وهو قول ، ابن عباس ، وابن عمر ، وأنس بن مالك . وفي والشافعي فما استيسر من الهدي قولان: أحدهما: شاة ، وهو قول ، ابن عباس ، والحسن ، والسدي ، وعلقمة ، وأكثر الفقهاء. والثاني: بدنة ، وهو قول وعطاء ، عمر ، وعائشة ، ومجاهد ، وطاوس ، وجعلوه وعروة وفي اشتقاق الهدي قولان: أحدهما: أنه مأخوذ من الهدية. والثاني: مأخوذ من قولهم: هديته هديا ، إذا سقته إلى طريق سبيل الرشاد. ثم قال تعالى: فيما استيسر من صغار البدن وكبارها. ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله وفي ، ثلاثة أقاويل: أحدها: حيث أحصر من حل أو حرم ، وهذا قول محل هدي المحصر ، ابن عمر ، والمسور بن مخرمة وهارون بن الحكم ، وبه قال والقول الثاني: أنه الحرم ، وهو قول الشافعي. ، علي وابن مسعود ، وبه قال ومجاهد والقول الثالث: أن محله أن يتحلل من إحرامه بادئا نسكه ، والمقام على إحرامه إلى زوال إحصاره ، وليس للمحرم أن يتحلل بالإحصار بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن كان إحرامه بعمرة لم يفت وإن كان بحج قضاه بالفوات بعد الإحلال منه ، وهذا مروي عن أبو حنيفة. ، ابن عباس ، وبه قال وعائشة ثم قال تعالى: مالك. فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك معناه: فحلق ، فعليه ذلك. [ ص: 256 ]
أما ففيه قولان: أحدهما: صيام ثلاثة أيام ، وهذا قول الصيام ، مجاهد ، وعلقمة وإبراهيم ، ، وبه قال والربيع والقول الثاني: صيام عشرة أيام كصيام المتمتع ، وهو قول الشافعي. الحسن . وأما وعكرمة ففيها قولان: أحدهما: ستة مساكين ، وهو قول من أوجب صيام ثلاثة أيام. والقول الثاني: إطعام عشرة مساكين ، وهو قول من أوجب صيام عشرة أيام. وأما النسك فشاة. ثم قال تعالى: الصدقة فإذا أمنتم وفيه تأويلان: أحدهما: من خوفكم. والثاني: من مرضكم. فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي اختلفوا في هذا على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه المحصر بالحج ، إذا حل منه بالإحصار ، ثم عاد إلى بلده متمتعا بعد إحلاله ، فإذا قضى حجه في العام الثاني ، صار متمتعا بإحلال بين الإحرامين ، وهذا قول المتمتع والثاني: فمن نسخ حجه بعمرة ، فاستمتع بعمرة بعد فسخ حجه ، وهذا قول الزبير. والثالث: فمن قدم الحرم معتمرا في أشهر الحج ، ثم أقام السدي. بمكة حتى أحرم منها بالحج في عامه ، وهذا قول ، ابن عباس ، وابن عمر ، ومجاهد ، وعطاء . وفي والشافعي فما استيسر من الهدي ما ذكرناه من القولين. ثم قال تعالى: فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج اختلفوا في على قولين: [ ص: 257 ] زمانها من الحج
أحدهما: بعد إحرامه وقبل يوم النحر ، وهذا قول ، علي ، وابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، وطاوس ، والسدي ، وسعيد بن جبير ، وعطاء في الجديد. والثاني: أنها أيام التشريق ، وهذا قول والشافعي ، عائشة ، وعروة في رواية وابن عمر عنه ، سالم في القديم. واختلفوا في جواز والشافعي على قولين: أحدهما: لا يجوز ، وهذا قول تقديمها قبل الإحرام بالحج ، ابن عمر . والثاني: يجوز. واختلف قائلو ذلك في زمان تقديمه قبل الحج على قولين: أحدهما: عشر ذي الحجة ، ولا يجوز قبلها ، وهو قول وابن عباس ، مجاهد والثاني: في أشهر الحج ، ولا يجوز قبلها ، وهو قول وعطاء. ثم قال تعالى: طاوس. وسبعة إذا رجعتم وفي قولان: أحدهما: إذا رجعتم من حجكم في طريقكم ، وهو قول زمانها والثاني: إذا رجعتم إلى أهليكم في أمصاركم ، وهو قول مجاهد. ، عطاء ، وقتادة ، وسعيد بن جبير ثم قال تعالى: والربيع. تلك عشرة كاملة فيه أربعة تأويلات: أحدها: أنها عشرة كاملة في الثواب كمن أهدى ، وهو قول . والثاني: عشرة كملت لكم أجر من أقام على إحرامه فلم يحل منه ولم يتمتع. والثالث: أنه خارج مخرج الخبر ، ومعناه معنى الأمر ، أي تلك عشرة ، فأكملوا صيامها ولا تفطروا فيها. والرابع: تأكيد في الكلام ، وهو قول الحسن . [ ص: 258 ] ابن عباس
ثم قال تعالى: ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وفي أربعة أقاويل: أحدها: أنهم أهل الحرم ، وهو قول حاضريه ، ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة وطاوس.
والثاني: أنهم من بين مكة والمواقيت ، وهو قول ، مكحول والثالث: أنهم أهل الحرم ومن قرب منزله منه ، كأهل وعطاء. عرفة ، والرجيع ، وهو قول ، الزهري والرابع: أنهم من كان على مسافة لا يقصر في مثلها الصلاة ، وهو قول ومالك. . الشافعي