وظن أنه الفراق أي وظن الإنسان المحتضر أن ما نزل به الفراق من حبيبته الدنيا ونعيمها وقيل فراق الروح الجسد، والظن هنا عند أبي حيان على بابه وأكثر المفسرين على تفسيره باليقين قال الإمام ولعله إنما سمي اليقين هاهنا بالظن لأن الإنسان ما دامت روحه متعلقة ببدنه يطمع في الحياة لشدة حبه لهذه الحياة العاجلة ولا ينقطع رجاؤه عنها فلا يحصل له يقين الموت بل الظن الغالب مع رجاء الحياة أو لعله سماه بالظن على سبيل التهكم والتفت الساق بالساق أي التفت ساقه بساقه والتوت عليها عند هلع الموت وقلبه .
كما روي عن الشعبي وقتادة وأبي مالك وقال الحسن هما ساقا الميت عندما لفا في الكفن وقيل المراد بالتفافهما انتهاء أمرهما وما يراد فيهما يعني موتهما وقيل يبسهما بالموت وعدم تحرك إحداهما عن الأخرى حتى كأنهما ملتفتان فهما أول ما يخرج الروح منه فتبردان قبل سائر الأعضاء وتيبسان فالساق بمعناها الحقيقي وأل فيها عهدية أو عوض عن المضاف إليه وقال وابن المسيب ابن عباس والربيع بن أنس وإسماعيل بن أبي خالد .
وهو رواية عن أيضا الحسن والتفت شدة فراق الدنيا لشدة إقبال الآخرة واختلطتا ونحوه قول : اجتمع عليه بشدة مفارقة المألوف من الوطن والأهل والولد والصديق وشدة القدوم على ربه جل شأنه لا يدري بماذا يقدم عليه، فالساق عبارة عن الشدة وهو مثل في ذلك والتعريف للعهد وأخرج عطاء عبد بن حميد عن وابن جرير الضحاك والتفت أسوق حاضريه من الإنس والملائكة هؤلاء يجهزون [ ص: 148 ] بدنه إلى القبر وهؤلاء يجهزون روحه إلى السماء فكأنهم للاختلاف في الذهاب والإياب والتردد في الأعمال قد التفت أسوقهم وهذا الالتفاف على حد اشتباك الأسنة .