وأما من آمن بموجب دعوتي (وعمل) عملا (صالحا) حسبما يقتضيه الإيمان (فله) في الدارين جزاء الحسنى أي فله المثوبة الحسنى أو الفعلة الحسنى أو [ ص: 35 ] الجنة جزاء على أن جزاء مصدر مؤكد لمضمون الجملة قدم على المبتدأ اعتناء به أو منصوب بمضمر أي: يجزى بها جزاء ، والجملة حالية أو معترضة بين المبتدأ والخبر المتقدم عليه أو هو حال أي مجزيا بها ، وتعقب ذلك أبو الحسن بأنه لا تكاد العرب تتكلم بالحال مقدما إلا في الشعر ، وقال : هو نصب على التمييز . الفراء
وقرأ ابن عباس ( جزاء ) منصوبا غير منون ، وخرج ذلك ومسروق المهدوي على حذف التنوين لالتقاء الساكنين ، وخرجه غيره على أنه حذف للإضافة والمبتدأ محذوف لدلالة المعنى عليه أي: فله الجزاء جزاء الحسنى .
وقرأ عبد الله بن أبي إسحاق بالرفع والتنوين على أنه المبتدأ (والحسنى) بدله والخبر الجار والمجرور .
وقرأ غير واحد من السبعة بالرفع بلا تنوين ، وخرج على أنه مبتدأ مضاف ، قال : والمراد على الإضافة: جزاء الخلال الحسنة التي أتاها وعملها، أو المراد بالحسنى الجنة والإضافة كما في دار الآخرة . أبو علي
وسنقول له من أمرنا أي : مما نأمر به (يسرا) أي : سهلا ميسرا غير شاق ، وتقديره ذا يسر وأطلق عليه المصدر مبالغة ، وقرأ ( يسرا ) بضمتين حيث وقع هذا ، وقال أبو جعفر : المراد من اتخاذ الحسن الأسر فيكون قد خير بين القتل والأسر ، والمعنى إما أن تعذب بالقتل وإما أن تحسن إليهم بإبقاء الروح والأسر ، وما حكي من الجواب على هذا الوجه قيل من الأسلوب الحكيم لأن الظاهر أنه تعالى خيره في قتلهم وأسرهم وهم كفار فقال: أما الكافر فيراعى فيه قوة الإسلام وأما المؤمن فلا يتعرض له إلا بما يجب . الطبري
وفي الكشف أنه روعي فيه على الوجهين نكتة بتقديم ما من الله تعالى في جانب الرحمة دلالة على أن ما منه تابع وتتميم وما منه في جانب العذاب رعاية لترتيب الوجود مع الترقي ليكون أغيظ ، وكأنه حمل (فله) إلخ على معنى فله من الله تعالى إلخ وهو الظاهر ، وجوز حمل إما أن تعذب وإما أن تتخذ على التوزيع دون التخيير ، والمعنى على ما قيل : ليكن شأنك معهم إما التعذيب ، وإما الإحسان، فالأول لمن بقي على حاله، والثاني لمن تاب. فتأمل .