قوله تعالى: ماكثين فيه أي: مقيمين في الأجر أبدا من غير انتهاء لزمان مكثهم.
ونصب ماكثين على الحال من الضمير المجرور في ( لهم ) والظرفان متعلقان به، وتقديم الإنذار على التبشير لإظهار كمال العناية بزجر الكفار عما هم عليه مع مراعاة تقديم التخلية على التحلية، وتكرير الإنذار بقوله تعالى: وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا متعلقا بفرقة خاصة ممن عمه الإنذار السابق من مستحقي البأس الشديد للإيذان بكمال فظاعة حالهم لغاية شناعة كفرهم وضلالهم كما ينبئ عنه ما بعد؛ أي: وينذر من بين هؤلاء الكفرة المتفوهين بمثل هاتيك العظيمة خاصة وهم العرب القائلون: الملائكة بنات الله تعالى، واليهود القائلون: عزير ابن الله سبحانه، والنصارى القائلون: المسيح ابن الله عز وجل، وترك إجراء الموصول على الموصوف كما في قوله تعالى: ويبشر المؤمنين إلخ للإيذان بكفاية ما في حيز الصلة في الكفر على أقبح الوجوه وإيثار صيغة الماضي في الصلة للدلالة على تحقق صدور تلك الكلمة القبيحة عنهم فيما سبق، وجعل بعضهم المفعول المحذوف فيما سلف عبارة عن هذه الطائفة، وفي الآية صنعة الاحتباك حيث حذف من الأول ما ذكر فيما بعد وهو المنذر، وحذف مما بعد ما ذكر في الأول وهو المنذر به. وتعقب بأنه يؤدي إلى خروج سائر أصناف الكفرة عن الإنذار والوعيد.
وأجيب بأنه يعلم إنذار سائر الأصناف ودخولهم في الوعيد من باب الأولى لأن القول بالتبني وإن كبر كلمة دون الإشراك وفيه نظر، وقدر العالم، ابن عطية العباد، فيعم المؤمنين أيضا، وتعقب بأن التعميم يقتضي حمل الإنذار على معنى مجرد الإخبار بالأمر الضار من غير اعتبار حلول المنذر به على المنذر كما في قوله تعالى: وأبو البقاء أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا وهو يفضي إلى خلو النظم الكريم عن الدلالة على حلول البأس الشديد على من عدا هذه الفرقة فتأمل.