( فصل ) في تفريق الصفقة وتعدده . وتفريقها إما في الابتداء أو في الدوام أو في الأحكام وقد ذكرها كذلك وضابط الأول أن يشتمل العقد على ما يصح بيعه وما لا يصح فإذا ( أو ) باع ( عبده وحرا أو ) باع عبده ( وعبد غيره أو ) ( باع ) في صفقة واحدة ( خلا وخمرا ) أو شاة وخنزيرا أي الشريك ( صح في ملكه في الأظهر ) وبطل في الآخر إعطاء لكل منهما حكمه سواء أقال هذين أو هذين الخلين أم القنين أم الخل والخمر والقن والحر بخلاف عكسه على ما بينته في شرح الإرشاد الصغير لأن العطف على الممتنع ممتنع ومن ثم باع ( مشتركا بغير إذن الآخر ) لم تطلق [ ص: 324 ] ويشترط أيضا العلم بهما ليتأتى التوزيع الآتي فإن جهل أحدهما بطل فيهما كما يأتي في بيع الأرض مع بذرها ، ويجري تفريق الصفقة في غير البيع أيضا من العقود والحلول وغيرهما كالشهادة [ ص: 325 ] بشرط تقديم الحل هنا أيضا وإنما بطل في الكل فيما إذا آجر الراهن المرهون مدة تزيد على محل الدين أو الناظر للوقف أكثر مما شرطه الواقف لغير ضرورة أو استعار شيئا ليرهنه بدين فزاد عليه لخروجه بالزيادة عن الولاية على العقد فلم يمكن التبعيض . لو قال نساء العالمين طوالق وأنت يا زوجتي
ويؤخذ من العلة أن الفرض أن الناظر علم بالشرط المذكور لانعزاله بمخالفته صريح شرط الواقف وإلا اختص البطلان بالزائد وهو محمل قول الروياني يبطل الزائد فقط وأن الراهن علم بالرهن ومدة الأجل والأصح فيما قبل الحلول لعدم تقصيره ذكره أبو زرعة وفيما إذا فاضل في الربوي كمد بر بمدين منه أو زاد في خيار الشرط على ثلاثة أيام لما يأتي فيه أو في العرايا على القدر الجائز لوقوعه في العقد المنهي عنه وهو لا يمكن التبعيض فيه وإنما بطل في الزائد فقط في الزيادة في عقد الهدنة على أربعة أشهر أو عشر سنين تغليبا لحقن الدماء المحتاج إليه وفيما لو كان بين اثنين أرض مناصفة فعين أحدهما منها قطعة محفوفة بجميعها وباعها من غير إذن شريكه فلا يصح في شيء منها كما نقله الزركشي عن البغوي وأقره لأنه يلزم على صحته في نصيبه منها الضرر العظيم للشريك بمرور المشتري في حصته إلى أن يصل إلى المبيع ا هـ ومر آخر الشرط الثاني للبيع ما يصرح بذلك ونوزع في استثناء الأولى والثالثة بأن صورة تفريق الصفقة أن يعقد على شيئين موجودين : أحدهما حلال والمنفعة المعقود عليها في الأولى شيء واحد وما في الثالثة تصرف في ملك الغير بما لم يأذن فيه ويرد بمنع قوله الصورة ذلك بل الضابط الجمع بين ممتنع وغيره ولو اعتبارا فشمل ذلك هاتين وغيرهما ومن ثم أجروا التفريق في غير نحو البيع مما مر وخرج بقوله بغير إذن الآخر بيعه بإذنه فيصح جزما .
[ ص: 326 ] ويصح عوده لعبده وعبد غيره ليفيد الصحة فيهما بإذن الآخر لكن محله إن فصل الثمن وحينئذ قد تعدد العقد وذلك لا يضر في المفهوم فإن قلت يشكل على ما ذكر في عبده وعبد غيره بل وعلى ما يأتي من أن الصحة في الحل بالحصة من المسمى باعتبار قيمتيهما ، قولهم لو باعا عبديهما بثمن واحد لم يصح للجهل بحصة كل عند العقد لأن التقويم تخمين وهذا بعينه جار فيما هنا إذ نحو عبده الذي صح البيع فيه ما يقابله مجهول عند العقد فما الفرق قلت يفرق بأن الجهل بما يخص كلا من عينين بيعتا صفقة واحدة إنما يؤثر وينظر إليه في العقد عند اختلاف المالك وعدم المرجح لما يأتي كما في تلك لأن إبطال أحدهما ترجيح بلا مرجح فتعين بطلانهما لتعذر صحتهما لما يلزم عليها من الجهل بما يخص كلا ابتداء وذلك يستلزم دوام النزاع بينهما لا إلى غاية وأما مسألتنا فليس فيها ذلك والمرجح لإبطال ما عدا الحل موجود فيها فلم ينظر للجهل بما يخصه وإن فرض أنه عند العقد كما في بيع سيف وشقص مشفوع بألف كما يأتي فتأمله على أنا لو نظرنا لهذا الجهل لم يتأت تفريق الصفقة مطلقا لأنه يلزمه النظر للحصة باعتبار القيمة وهو مجهول عند العقد ويؤدي للتنازع .
فإن قلت يشكل على ذلك التعليل المار في بعتك هذا القطيع أو الثياب كل اثنين بدرهم من أن توزيع الدرهم على قيمتهما يؤدي للجهل فنظروا إليه مع اتحاد المالك قلت يفرق بأن المبيع هنا لم يتعين أصلا لأن كل اثنين فرض مقابلتهما بدرهم يحتمل أنهما من الخيار أو من غيره أو مختلفان فتعذر التوزيع من كل وجه بخلافه في مسألتنا ومسألة شقص وسيف لسهولة التوزيع فيهما مع الأمن من نزاع لا غاية له وإذا صح في ملكه فقط ( فيتخير المشتري ) فورا ( إن جهل ) ذلك لضرره بتفريق الصفقة عليه مع عذره بالجهل فهو كعيب ظهر ( فإن أجاز ) العقد أو كان عالما بالحرام عنده [ ص: 327 ] ( ف ) لثمن ( بحصته من المسمى باعتبار ) الأجزاء في مثليين بطل البيع في أحدهما وفي المشترك السابق لأنه لا حاجة في هذين النوعين إلى النظر للقيمة ولوضوح الراد لم يبال بإبهام كلامه اعتبار القيمة هنا أيضا وعلى الرأسين المتقومين فأكثر باعتبار ( قيمتهما ) إن كان لهما قيمة أو لم تكن لأحدهما كالخمر والحر والخنزير بعد التقدير الآتي وذلك لإيقاعهما الثمن في مقابلتهما معا فلم يجب في أحدهما إلا قسطه فلو ساوى المملوك مائة وغيره مائتين فالحصة ثلث الثمن ومحله إن كان الحرام مقصودا وإلا كلمم صح في الآخر بكل الثمن على الأوجه ويقدر الحر قنا والميتة مذكاة والخمر خلا لا عصيرا لعدم إمكان عوده إليه والخنزير عنزا بقدره كبرا وصغرا خلافا لمن زعم تقدير كبيره ببقرة وفي ذلك اضطراب بينته مع الجواب عنه في شرح الإرشاد .
ثم رأيت بعضهم تمحل لمنع التناقض وأجرى ما في كل باب على ما فيه فقال ما حاصله إنما لم يرجع هنا للتقويم عند من يرى له قيمة لأن الكافر لا يقبل خبره أي ومن شأن البيع أن يكون بين مسلمين يجهلون قيمة الخمر عند أهلها من الكفار ورجع إليه في الوصية لصحتها بالنجس فلم يحتج إليها إلا لبيان القسمة على عدد الرءوس فهي تابعة وفي الصداق لعلمهما بها إذ هما كافران ( وفي قول بجميعه ) لأن العقد لم يقع إلا على ما يحل بيعه [ ص: 328 ] ( ولا خيار للبائع ) وإن جهل لتقصيره ببيعه لما لا يملك وعذره بالجهل نادر