الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والجاري ) وهو ما اندفع في منحدر أو مستو فإن كان أمامه ارتفاع فهو كالراكد وجريه مع ذلك متباطئ لا يعتد به ( كراكد ) في تفصيله السابق من تنجس قليله بالملاقاة وكثيره بالتغير ؛ لأن خبر القلتين عام ( وفي القديم لا ينجس ) قليله ( بلا تغير ) لقوته وعلى الجديد فالجريات وإن اتصلت حسا هي منفصلة حكما فكل جرية وهي الدفعة بين حافتي النهر أي ما يرتفع منه عند تموجه تحقيقا أو تقديرا طالبة لما أمامها هاربة مما وراءها [ ص: 100 ] فإن كانت دون قلتين بأن لم تبلغهما مساحة أبعادها الثلاثة تنجست بمجرد الملاقاة وإلا فالمتغير ثم إن جرت النجاسة في جرية بجريها طهر محلها بما بعدها ، وإلا فكل ما مر عليها من الجريات القليلة نجس حتى يقف الماء ومن ثم يقال لنا ماء فوق ألف قلة وهو نجس من غير تغير .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وهو ما اندفع ) إلى قوله على إشكال في المغني إلا قوله أي ما يرتفع إلى طالبه .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله اندفع ) أي انصب وقوله منحدر أي منخفض والحدر الحط من الأعلى إلى الأسفل كردي ( قوله فهو كالراكد ) أي في كونه متصلا واحدا فيكون جرياته متواصلة حسا وحكما فلا يتنجس إذا بلغ جميعها قلتين فأكثر إلا بالتغير بصري وشرح بافضل ( قوله مع ذلك ) أي وجود ارتفاع إمامه ( قوله في تفصيله ) إلى قول المتن والقلتان في النهاية إلا قوله أي ما يرتفع إلى طالبه وقوله بأن لم تبلغهما إلى تنجست ( قوله في تفصيله السابق إلخ ) وفيما يستثنى نهاية ومغني ( قوله : لأن خبر القلتين عام ) فإنه لم يفصل فيه بين الجاري والراكد نهاية ومغني قول المتن ( وفي القديم إلخ ) وبه قال الإمام والغزالي واختاره جماعة من الأصحاب قال في شرح المهذب وهو قوي وقال في المهمات إنه قول جديد أيضا كردي .

                                                                                                                              ( قوله لقوته ) أي لقوة الجاري ولأن الأولين كانوا يستنجون على شط الأنهار الصغيرة ، ثم يتوضئون منها ولا تنفك عن رشاش النجاسة غالبا ، وعلله الرافعي بأن الجاري وارد على النجاسة فلا ينجس إلا بالتغير كالماء الذي تزال به النجاسة وقضية هذا التعليل أن يكون طاهرا لا طهورا والظاهر أنه ليس بمراد مغني ( قوله وهي الدفعة ) وفي القاموس الدفعة بالفتح المرة وبالضم الدفعة من المطر ا هـ والمناسب هنا الضم ع ش ( قوله منه ) أي من الماء الذي بين حافتي النهر ( قوله تحقيقا أو تقديرا ) تفصيل للتموج فالحقيقي أن يشاهد ارتفاع الماء وانخفاضه بسبب شدة [ ص: 100 ] الهواء ، والتقدير بأن يكون غير ظاهر التموج بالجري عند سكون الهواء ؛ لأنه يتماوج ولا يرتفع بجيرمي .

                                                                                                                              ( قوله فإن كانت إلخ ) أي الجرية والحاصل أن الجاري من الماء ومن رطب غيره إما أن يكون بمستو أو قريب من الاستواء ، وإما أن يكون منحدرا من مرتفع كالصب من إبريق فالجاري من المرتفع جدا لا يتنجس منه إلا الملاقي للنجس ماء أو غيره ، وأما في المستوي والقريب منه فغير الماء ينجس كله بالملاقاة ولا عبرة بالجرية ، وأما الماء فالعبرة فيه بالجرية فإن كانت قلتين لم تنجس هي ولا غيرها إلا بالتغير ، وإن كانت أقل فهي التي تنجست وما قبلها من الجريات باق على طهوريته ولو المتصلة .

                                                                                                                              وأما ما بعدها فهو كذلك أي باق على طهوريته إلا الجرية المتصلة بالمتنجسة فلها حكم الغسالة ، وهذا إذا كانت النجاسة جارية مع الماء وإن كانت واقفة في الممر فكل ما مر عليها ينجس ، وأما ما لم يمر عليها وهو الذي فوقها فهو باق على طهوريته شيخنا أي وإن كان ماء النهر كله دون قلتين كما نقله الكردي عن المحلي والزيادي وعن حاشية الروضة لابن البلقيني ( قوله طهر محلها بما بعدها ) فله حكم الغسالة حتى لو كان النجس من كلب فلا بد من سبع جريات معه كدورة الماء بالتراب الطهور في إحداهن مغني ونهاية ( قوله وإلا ) أي وإن لم تجر النجاسة بجري الماء لثقلها مثلا أو لضعف جريان الماء ، ومثل ذلك إذا كان جري الماء أسرع من جريان النجاسة كما في الأسنى والإمداد وغيرهما كردي عبارة النهاية فإن كانت جامدة واقفة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ومن ثم يقال لنا إلخ ) قال في الإيعاب ولا يؤثر في هذا الإلغاز الذي جروا عليه أن هذا لم يبلغ قلتين فضلا عن ألف ؛ لأنه متفرق حكما ، وذلك لأن اتصاله صورة يكفي في الإلغاز به انتهى ا هـ كردي .

                                                                                                                              ( قوله من غير تغير ) أي حسا ولا تقديرا ، ولو كان في وسط النهر حفرة عميقة ، والماء يجري عليها بهينة فماؤها كالراكد بخلاف ما إذا كان يجري عليها سريعا بأن كان يغلب ماءها ويبدله فإن ماءها حينئذ كالجاري أما لو كانت غير عميقة فلا أثر لها سواء جرى الماء عليها سريعا أم بطيئا كردي .




                                                                                                                              الخدمات العلمية