( فصل ) في ذكر مبطلات الصلاة وسننها ومكروهاتها وإن لم يفيدا لكن إن تواليا فيما يظهر أخذا مما يأتي وذلك لخبر ( تبطل ) الصلاة ( بالنطق بحرفين ) من كلام البشر ولو من منسوخ لفظه أو من حديث قدسي { مسلم } وأقل ما يبنى عليه الكلام لغة أي غالبا حرفان إذ هو يقع على المفهم وغيره وتخصيصه بالمفهم اصطلاح حادث وأفتى بعضهم بإبطال زيادة ياء قبل أيها النبي في التشهد أخذا بظاهر كلامهم هنا لكنه بعيد لأنه ليس أجنبيا عن الذكر بل يعد منه ومن ثم أفتى إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس شيخنا بأنه [ ص: 138 ] لا بطلان به
( تنبيه ) كان الكلام جائزا في الصلاة ثم حرم قيل بمكة وقيل بالمدينة وبينت ما في ذلك من الاضطراب مع الراجح منه في شرح المشكاة وممن اعتمد أنه بمكة السبكي فقال أجمع أهل السير والمغازي أنه كان بمكة حين قدم من ابن مسعود الحبشة كما في صحيح أي وغيره ا هـ ولك أن تقول صح ما يصرح بكل منهما في مسلم وغيره فيتعين الجمع والذي يتجه فيه أنه حرم مرتين ففي البخاري مكة حرم إلا لحاجة وفي المدينة حرم مطلقا وفي بعض طرق ما يشير إلى ذلك ( أو حرف مفهم ) ك ف و ق و ع و ل و ط لأنه كلام تام لغة وعرفا وإن أخطأ بحذف هاء السكت وخرج بالنطق بذلك الصوت الغير المشتمل على ذلك من أنف أو فم فلا بطلان به وإن اقترن به همهمة شفتي الأخرس ولو لغير حاجة وإن فهم الفطن كلامه أو قصد محاكاة أصوات بعض الحيوانات كما أفتى به البخاري البلقيني لكن خالفه بعضهم قال لتلاعبه ويرد بأنه إن قصد بشيء من ذلك اللعب فلا تردد في البطلان لما يأتي في الفعل القليل وإلا فلا وجه له وإن تكرر ذلك وفي الأنوار لا تبطل بالبصق إلا إن تكرر ثلاث مرات متوالية أي مع حركة عضو يبطل تحركه به ثلاثا كلحى لا شفة كما هو ظاهر
( تنبيه ) هل يضبط النطق هنا بما مر في نحو قراءة الجنب والقراءة في الصلاة أو يفرق بأن ما هنا أضيق فيضر سماع حديد السمع وإن لم يسمع المعتدل كل محتمل والأول أقرب ( وكذا مدة بعد حرف ) غير مفهم تبطل بهما أيضا ( في الأصح ) لأنها ألف أو واو أو ياء فهما حرفان نعم لا تبطل بإجابته صلى الله عليه وسلم [ ص: 139 ] في حياته بقول أو فعل وإن كثر وألحق به عيسى صلى الله عليهما وسلم إذا نزل ولعل قائله غفل عن جعلهم هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم أو رأى أنه من خصائصه على الأمة لا على بقية الأنبياء ، وهو بعيد من كلامهم ولا تجب في فرض مطلقا بل في نفل إن تأذيا بعدمها تأذيا ليس بالهين ولا تبطل بتلفظه بالعربية لقربة توقفت على اللفظ وحلت عن تعليق وخطاب مضر كنذر وصدقة وعتق ووصية لأن ذلك حينئذ لكون القربة فيه أصلية مناجاة لله تعالى فهو كالذكر ونوزع فيه بما لا يصح وزعم أن النذر فيه مناجاة لله تعالى دون غيره وهم [ ص: 140 ] لأنه لا يشترط فيه ذكر لله فنحو نذرت لزيد بألف كأعتقت فلانا بلا فرق وليس مثله التلفظ بنية نحو الصوم لأنها لا تتوقف على اللفظ فلم يحتج إليه . وتبطل بإجابة الأبوين