ص ( ولا [ ص: 174 ] بخلاف الخلفاء ) إن أخذ من العمال أو أكل عندهم
ش : قال في آخر سماع سحنون من كتاب الشهادات في مسألة طويلة سئل عنها : وقد يكون الرجل يقبل صلة السلطان ويأكل طعامه وسلاطين هذا الزمان من قد علمت أتراه بذلك مجرحا ساقط الشهادة ( فإن قلت ) إن ذلك جرحة في شهادته فقد قبل جوائز السلطان من قد علمت من أئمة الهدى والعلم قد أخذ سحنون جوائز ابن عمر الحجاج من قد علمت وأخذ والحجاج جوائز ابن شهاب وغيره من الخلفاء وأخذ عبد الملك بن مروان جوائز مالك أبي جعفر ( فإن قلت ) إنهم يأخذون ذلك على وجه الخوف فإن منهم من يأمن السلطان بترك الأخذ منه فلم نر إلا خيرا وقد ذكر أن أبا جعفر أمر بثلاث صرر دنانير فاتبعه الرسول بها فسقطت منه صرة في الزحام فلما أتاه بالصرتين سأله عن الثالثة فأنكر أن يكون أخذ غير الصرتين فألزمه لمالك بالثالثة وألح عليه فيها حتى أتى بها بعض من وجدها فدفعها إليه ، مالك لم يفعل هذا إلا متطوعا فإن رأيت طرح فمالك فجميع القضاة منه يرزقون وإياه يأكلون ، فقال شهادة من أخذ من السلطان : من قبل جوائز السلطان ساقط الشهادة عندنا وأما الأكل فمن كان ذلك منه الزلة والفلتة فغير مردود الشهادة سحنون
وأما المدمن الأكل فساقط الشهادة ، وأما احتجاجك بقبول ابن شهاب لجوائز السلطان فقد قست بغير قياس واحتججت بما لا يحتج به من قبل أن قبول ومالك لها من عند من تجري على يده الدواوين وهو أمير المؤمنين وجوائز الخلفاء جائزة لا شك فيها على ما شرط مالك لإجماع الخلق على قبول العطاء من الخلفاء ممن يرضى به وممن لا يرضى به ولم نعلم أحدا من أهل العلم أنكر أخذ العطاء من زمن مالك إلى اليوم وأما قولك في القضاة فإنما هم أجراء المسلمين آجروا أنفسهم فلهم أجرهم من بيت مال المسلمين وأما ما ذكرت عن معاوية فقد سمعت ابن عمر علي بن زياد ينكر [ ص: 175 ] ذلك على ويدفعه قال ابن عمر ابن رشد : قول إن قبول الجوائز من العمال المضروب على أيديهم جرحة تسقط الشهادة والعدالة صحيح ، ومعناه عندي إذا قبضوا ذلك من العمال على الجباية ; لأنهم إنما جعل إليهم قبض الأموال وتحصيلها دون وضعها في وجوهها ومواضعها ، وأما الأمراء الذين فوض إليهم الخليفة أو خليفة الخليفة قبض الأموال وجبايتها وتصريفها باجتهادهم سحنون وشبهه من الأمراء على البلاد المفوض جميع الأمور فيها إليهم فقبض الجوائز منهم كقبضها من الخلفاء ، فإن صح أخذ كالحجاج جوائز ابن عمر فهذا وجهه ، ثم تكلم على حكم أخذ القضاء والحكام الارتزاق من العمال الذين فوض إليهم النظر في ذلك وضرب على أيديهم فيما سوى ذلك وأجاز لهم أخذ ذلك منهم ثم تكلم على حكم ما إذا كان المجبى حلالا أو حراما أو مشوبا بحلال وحرام وأطال في ذلك فراجعه إن أردته والله أعلم . الحجاج