الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وإن أسلمت حيوانا أو عقارا فالسلم ثابت )

                                                                                                                            ش : قال في المدونة : وإن كان رأس المال حيوانا فقتلها رجل بيدك قبل أن يقبضها المسلم إليه أو كانت دورا أو أرضين فعدا فيها رجل بهدم البناء أو احتفار فأفسدها فللمسلم إليه طلب الجاني والسلم ثابت ا هـ .

                                                                                                                            زاد ابن يونس بعد قوله احتفار لفظ فقال أو احتفار الأرض إلى آخره قال أبو الحسن فإن ادعى المسلم انقلاب الدواب وإباق الرقيق فهو مصدق قاله في كتاب بيع الخيار ا هـ .

                                                                                                                            ص ( ويتبع الجاني )

                                                                                                                            ش : قال الشيخ بهرام : أي الجاني الأجنبي فإذا تعدى عليه فأهلكه أتبعه من كان ضامنا له من المتبايعين بما أبت له ا هـ .

                                                                                                                            وقوله : من كان ضامنا يعني به المسلم إليه في مسألة الحيوان أو العقار في الأوجه الثلاثة الأول من أوجه العرض والمسلم بكسر اللام في الوجه الرابع من أوجه العرض إلا أنه لا يتصور في هذا الوجه أن يعلم الجاني ; لأنه إنما يتصور إذا لم تقم بينة على هلاكه فإذا قامت البينة أن شخصا أتلفه فلا ضمان على المسلم وكذلك إذا اعترف شخص بأنه أتلفه فلا ضمان على المسلم فالذي يتصور فيه أن يتبع الجاني هو المسلم إليه فتأمله فيكون قول المصنف ويتبع مبنيا للمفعول ويكون راجعا إلى مسألة العرض والحيوان والعقار ، وهو قريب مما في المدونة ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( تنبيهان الأول ) اعلم أن هذا الكلام فيه إجمال والكلام المفصل البين ما قاله ابن بشير واعلم قبله أنه قد علم مما سبق أن الأوجه الثلاثة الأول ضمان العرض فيها من المسلم إليه وكذلك ضمانه منه إذا قامت البينة في الوجه الرابع وإذا لم يقم فضمانه من المسلم إذا علم ذلك فقال ابن بشير في أواخر السلم الأول بعدما صار في ضمان المسلم إليه فلا شك في صحة السلم وينظر فإن كان هلاكه من الله أو بسبب المسلم إليه فلا رجوع له على أحد وإن كان من سبب المسلم رجع عليه بقيمته أو بمثله على حسب تضمين المتلفات وكذلك يرجع على الأجنبي إن كان الإتلاف بسببه وإن كان في ضمان المسلم انفسخ السلم إلا أن يتلفه المسلم إليه قاصدا إلى قبضه وإتلافه فيكون السلم صحيحا وإن جهل ممن هلاكه فهاهنا قولان : أحدهما أن السلم ينفسخ كما قدمنا ، وهو المشهور ، والقول الثاني أن المسلم إليه بالخيار ا هـ .

                                                                                                                            واعلم أن قوله وإن جهل ممن هلاكه إنما يرجع إلى ما في ضمان المسلم وإلا فما في ضمان المسلم إليه لا يتصور فيه الفسخ ; لأن ضمانه منه وقد تقدم من لفظه أنه لا شك في صحة السلم ، وإنما النظر فيمن يغرم قيمته فإذا كان في ضمان المسلم إليه وجهل ممن هلاكه كان في ضمانه ولا غرم على أحد ، وإنما يحلف المسلم إن كان يتهم هذا الذي ظهر ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( الثاني ) قال ابن يونس قال بعض أصحابنا : وإذا ترك الثوب بيد الذي له السلم فأحرقه رجل يشهد عليه الذي بيده الثوب فإن كان المسلم إليه مليئا جازت شهادته إذ لا تهمة وإن كان المسلم إليه معدما لم يجز شهادته ; لأنه يتهم إذ يصير له ما لا يأخذ منه سلمه وقد قيل لا تجوز شهادته عليه إذا اختلف في عينه ولا يدري ما يذهب إليه في ذلك قال غيره ; ولأنه يتهم أن يزيل عيب التهمة عن نفسه فقد يتهم في إمساكها فلا تجوز شهادته بحال ا هـ .

                                                                                                                            وقال ابن بشير : ترك رأس المال عند المسلم على جهة الوديعة وكان مما يعرف بعينه فعدا عليه أجنبي وشهد بذلك المسلم فهل تجوز شهادته أو لا ، للمتأخرين ثلاثة أقوال : أحدها تجوز الشهادة على الإطلاق ; لأنه إذا كان من أهل الشهادة فهو غير متهم ، والثاني ردها مطلقا إذ في [ ص: 524 ] المذهب قول إنه يحلف المتهم وغير المتهم ; ولأن الناس يقصدون براءة أنفسهم وإن لم تلزمهم اليمين ، والثالث أن الذي عليه السلم إن كان فقيرا لم تجز الشهادة ; لأنه يتهم أن يشهد له بما يعمر ذمته ليستحق طلبها وإن كان غنيا فلا تهمة فتجوز والأصل في هذا المعنى أن يقال متى تبينت التهمة لم تجز الشهادة ومتى لم تتبين جازت ا هـ .

                                                                                                                            ونقلها في الشامل ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية