ص ( فصل إنما تجب نفقة رقيقه ودوابه إن لم يكن مرعى وإلا بيع )
ش : الحصر راجع إلى ، وقوله : تجب نفقة رقيقه يريد وكسوته بالمعروف كما قاله في آخر سماع النفقة الواجبة بالملك أشهب من كتاب الأقضية ونصه : مسألة : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } قيل للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ، ولا يكلف العبد من العمل ما لا يطيق أفترى أن يقضي على مالكه ولا يكلفه من العمل ما لا يطيق . ؟ فقال : نعم أرى أن يقضي بذلك عليهم ، ولا يكلفوا من العمل إلا ما يطيقون ، قال لمالك ابن رشد الحديث هو حديث الموطإ من رواية ، ومعنى بالمعروف أي من غير إسراف ولا إقتار على قدر سعة السيد ، وما يشبه حال العبد أيضا ، فليس الوغد الأسود الذي هو للخدمة والحرث كالنبيل التاجر الفاره فيما يجب لهما على سيدهما من الكسوة سواء ، ويقضى للعبد على سيده إن قصر عما يجب له عليه بالمعروف ، انتهى . وقال أبي هريرة الباجي في شرح الموطإ في كتاب الأقضية في نحر ناقة المزني يلزم الرجل أن لا يجيع رقيقه عن شبعهم الوسط أو يبيعهم ، انتهى .
( فائدة ) قال ابن رشد إثر كلامه المتقدم في بيان معنى المعروف في قوله في الحديث : { } ، وفي هذا دليل ظاهر على أن لا يلزم الرجل أن يساوي بين نفسه وعبيده في المطعم والملبس على ما ذهب إليه بعض أهل العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف } وقد روي عن أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون أبي اليسر الأنصاري من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما كانا يفعلان ذلك ، وهو محمول منهما على الرغبة في فعل الخير لا أن ذلك واجب عليهما إذ لم يقل صلى الله عليه وسلم : [ ص: 207 ] أطعموهم مثل ما تأكلون واكسوهم مثل ما تكتسون ، وإنما قال : مما تأكلون ومما تلبسون ، فإذا أطعمه وكساه بالمعروف من بعض ما يأكل من الخبز والإدام ويلبس من الصوف والقطن والكتان فقد شاركه في مطعمه وملبسه ، وامتثل بذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : وإن تفضل عليه في ذلك فلم يكن ملبسه مثل ملبسه ومطعمه مثل مطعمه سواء فعلى هذا تحمل الآثار ، ولا يكون بينها تعارض ، وقد سئل وأبي ذر في سماع مالك أشهب من كتاب الجامع ، قال إي والله إني لأراه من ذلك في سعة فقيل له أرأيت ما جاء من حديث أيصلح أن يأكل الرجل من طعام لا يأكل منه عياله ورقيقه ويلبس ثيابا لا يكسوهم مثلها قال : كان الناس يومئذ ليس لهم ذلك القوت ، انتهى . وقوله : ودوابه إن لم يكن مرعى يريد وكذلك إن لم يكن المرعى يكفيها ، قال في الجواهر : ويجب على رب الدواب علفها أو رعيها إن كان في رعيها ما يقوم بها ، وقاله في التوضيح وغيره ، انتهى . وقال أبي الدرداء ابن فرحون وأما إن كان المرعى يكفيها ; فإنما يجب عليه أن يرعاها بنفسه أو بأجرة ، انتهى . وما ذكره المصنف وقاله في الجواهر نقله ابن عرفة عن ونقل عن أبي عمر ابن رشد ما يخالفه وناقشه في ذلك واستصوب ما قاله ، ولنذكر كلام أبو عمر ابن رشد من أصله ومناقشة ابن عرفة له .
قال ابن رشد إثر قوله المتقدم في العبد : ويقضى للعبد على سيده إن قصر عما يجب له بالمعروف في مطعمه وملبسه ، بخلاف ما يأكله من البهائم ; فإنه يؤمر بتقوى الله في ترك ذلك عنها ، ولا يقضى عليه بعلفها ، وقد روي عن أنه يقضى على الرجل بعلف دابته كما يقضى عليه بنفقة عبده لما جاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي يوسف الأنصار ، فإذا فيه جمل فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رق له وذرفت عيناه فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سروه وذفريه حتى سكن ثم قال : من رب هذا الجمل فجاء فتى من الأنصار ، فقال : هو لي يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفلا تتقي الله في البهيمة التي ملكك الله إياها ; فإنه شكا إلي أنك تجيعه } والفرق بين العبد والدابة أن العبد مكلف تجب عليه الحقوق من الجنايات وغيرها فكما يقضى عليه يقضى له ، والدابة غير مكلفة لا يجب عليها حق ، ولا يلزمها جناية فكما لا يقضى عليها لا يقضى لها ، انتهى كلام دخل حائط رجل من ابن رشد بلفظه ، ونقله ابن عرفة برمته ، وقال بعده : قلت : تعذر شكوى الدابة يوجب أحروية القضاء لها ، وذكر في العبد ما تقدم ، وقال ويجبر الرجل على أن يعلف دابته أو يرعاها إن كان في رعيها ما يكفيها أو يبيعها أو يذبح ما يجوز ذبحه ، ولا يترك يعذبها بالجوع ، أبو عمر قلت : ولازم هذا القضاء عليه ; لأنه منكر وتغيير المنكر واجب القضاء به ، وهذا أصوب من قول ابن رشد ، وقوله : مسح سروه أي ظهره ( الجوهري ) سراة كل شيء ظهره ووسطه ، والجمع سروات ، والذفر بالذال المعجمة ( الجوهري ) هو الموضع خلف أذن البعير أول ما يعرق منه ، انتهى كلام ابن عرفة بلفظه والله أعلم . وقوله وإلا بيع أي ، وإن لم ينفق على رقيقه أو على دابته حيث تلزمه النفقة عليهم ; فإنهم يباعون عليه ، يريد إلا الحيوان المأكول ; فإنه لا يتعين عليه البيع بل يخير بين الذبح والبيع كما تقدم في كلام ، وما قاله في الجواهر وغيرها ، ونص الجواهر إثر كلامه المتقدم : فإن أجدبت الأرض تعين عليه العلف ; فإن لم يعلف أمر بأن يذبحها أو يبيعها إن كانت يجوز أكلها ، ولا يترك وتعذيبها بالجوع أو غيره ، انتهى . أبي عمر
( فروع الأول ) على قدر الأنصباء ، والمعتق بعضه كالمشترك ، والمدبر والمعتق إلى أجل كالقن ، والمخدم المشهور أن نفقته على من له الخدمة ، وقيل : على سيده ، وقيل : إن كانت الخدمة يسيرة فعلى السيد وإلا فعلى من له الخدمة ، انتهى بالمعنى من نفقة العبد المشترك ابن عرفة .
( الثاني ) قال ابن عرفة قال ابن حارث اختلف في ، فقال : الأمة المستحقة تكون حاملا ممن [ ص: 208 ] استحقت منه ابن عبد الحكم نفقتها على مستحقها ، وقال بل هي على من هي حامل منه ، وقول يحيى بن عمر يحيى هذا جيد ; لأن الجنين حر .
( قلت : ) الأظهر إن كان في خدمتها قدر نفقتها أنفق عليها منه ، انتهى .
( الثالث ) قال الشيخ يوسف بن عمر من كان له شجر ضيعها بترك القيام بحقها ; فإنه يؤمر بالقيام فيها ; فإن لم يفعل ; فإنه مأثوم ولم نسمع أنه يؤمر ببيع ذلك إذا فرط فيه ، انتهى . وقاله الجزولي أيضا وزاد : ويقال له ادفعها لمن يخدمها مساقاة لجميع الثمرة ، انتهى والله أعلم .
ص ( كتكليفه من العمل ما لا يطيق )
ش : يعني أنه كما يباع عليه رقيقه ودوابه لعدم النفقة عليهم حيث تلزمه النفقة عليهم فكذلك يباعون عليه إذا كلفهم من العمل ما لا يطيقون ، وقوله ما لا يطيق يريد ما لا يطيقه إلا بمشقة خارجة عن المعتاد لا ما لا يطيقه أصلا ، ولذلك قال لا يكلف العبد الصغير الذي لا صنعة له الخراج ; لأنه لا يجد ما يخدم فيؤدي إلى أن يسرق ، وكذلك الأمة ; لأنه يؤدي إلى أن تسعى بفرجها ، وروي هذا عن مالك كذا قال عثمان الجزولي في شرح قول الرسالة ، ولا يكلف من العمل ما لا يطيق ، وقال أيضا : وسئل مالك ، فقال : إذا كان يخدم بالنهار ، فلا ينبغي لسيده أن يقيمه بالليل ليطحن إلا الشيء الخفيف ، وإن كان لا يخدم بالنهار يجوز ذلك ، انتهى . ونقله هل للسيد أن يقيم عبده للطحن بالليل ابن عمر ، وقال لا يخدم بالليل إلا ما خف من الأعمال ، انتهى . والمسألة في كتاب الإجارة من المدونة في ترجمة الأجير يفسخ إجارته في غيرها ، ونصها : ومن أجر أجيرا للخدمة استعمله على عرف الناس من خدمة الليل والنهار كمناولته إياه ثوبه أو الماء في ليلة ، وليس مما يمنعه النوم إلا في أمر يفرض مرة بعد المرة يستعمله فيه بعض ليلة ، كما لا ينبغي لأرباب العبيد إجهادهم فمن عمل منهم في نهاره ما يجهده ، فلا يستطحن في ليلة إلا أن يخف عمل نهاره فليستطحنه ليله إن شاء من غير إقداح ، ويكره ما أجهد أو قل منه ، انتهى .
( تنبيه ) قال في الجواهر : لا يتعين ما يضرب على العبد من خراج ، بل عليه بذل المجهود ، انتهى . وقوله : كتكليفه الضمير راجع إلى المملوك المدلول عليه بالرقيق والدواب ، فأما الرقيق فقال في التوضيح : فرع إذا تبين ضرره بعبده في تجويعه وتكليفه من العمل ما لا يطيق وتكرر ذلك منه بيع ، انتهى . وما ذكره في التوضيح هو نص كلام ابن رشد وسيأتي ذلك في أثناء كلام له عند قول المصنف وإعفافه بزوجة وتقدم في باب النفقات عند قول المصنف وإن غائبا حكم ما إذا أعسر السيد بنفقة أم الولد والمدبر والمعتق إلى أجل أو غاب وتركهم ، وأما إن أضر بهم فقال في النوادر في آخر ترجمة الرفق بالمملوك من كتاب الأقضية الثاني ناقلا له عن العتبية ، وقال يعني في أشهب ويؤدبه ، قال : يخرج من يده ويؤاجر عليه ، قال مدبر أضر به سيده إنه لا يباع عليه ا هـ . والمسألة في العتبية في كتاب السلطان في ثاني مسألة من سماع أصبغ ، ونصها : وسئل يعني أصبغ عن المدبر يضر به سيده ويؤدبه ، قال : يخرج من يده ويؤاجر عليه ، قال أشهب : ولا يباع ; لأن المدبر لا يباع على حال في الحياة ، ولا تنقض الضرورة التدبير ; لأنه عتق ، قال أصبغ ابن رشد هذا بين على ما قاله قياسا على مدبر النصراني يسلم أنه يؤاجر ، ولا يباع كما يباع عليه عبده إذا أسلم وبالله التوفيق ا هـ . والظاهر أن المعتق إلى أجل مثله وانظر أم الولد هل تؤاجر أو تعتق والله أعلم .
وأما الدواب فقال الشيخ يوسف بن عمر عند قول الرسالة في باب التعالج : ويرتفق بالمملوك : والرفق بسائر الحيوان أيضا مطلوب ، فلا يجوز له أن يحمل دابته ما لا تطيق ، ولا يعري ظهرها ; فإن لم يقم بحق الحيوان ; فإنه يقال له : إن لم تقم بحقها وإلا تباع عليك ا هـ . ونحوه قول الجواهر المتقدم ، ولا يترك وتعذيبها بالجوع ونحوه .
( تنبيه ) قال الجزولي في شرح قول الرسالة : ويكره الوسم في [ ص: 209 ] الوجه : ويجوز أن ويجوز ركوبها ، قال يحمل على البغال والحمير ابن العربي ولا خلاف في البقر أنه لا يجوز أن يحمل عليها ، وإنما اختلف في ركوبها هل يجوز أم لا . ؟ قولان ( الشيخ ) وإنما كره ابن العربي أن يحمل عليها لما رأى بعض الناس حمل على بقرة فقالت له : ألهذا خلقت ا هـ والله أعلم .
( فرع ) قال الزناتي يجوز للعبد أن يقول لسيده يا سيدي ويا مولاي ، ولا يقول ربي ا هـ