الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            وسئل أبو عمران عن المرأة تقدم بلدا ، ولا يدرى من أي موضع قدمت ، ولا من هي ، وتطلب التزويج فهل يزوجها السلطان بغير إثبات موجب . ؟ وكذا لو زعمت أنه كان لها زوج مات عنها أو طلقها . ؟ فأجاب إن كان البلد قريبا كتب إليه ، وإن كان بعيدا يتعذر وصول الجواب أو يكون بعد أزمنة طويلة خلى بينها وبين ما تريده إن لم يتبين كذبها ، وسئل الصائغ عن طارئة على بلد تأتي لقاضيه فتذكر أن لها زوجا غاب عنها في بلدها غيبة منقطعة وأخرجت صداقها مجهول الشهود واسم زوج مجهول ، ولا يعرف صدقها من كذبها ، وقد شكت الضيعة وأنها إن بقيت خافت على نفسها وحالها الفقر فهل تطلق عليه بما تقدم . ؟ جوابها للمازري كذا في هذا الأصل الذي اختصرت منه قال : ينظر في حالها ويتثبت فيه ويتلوم حتى يؤنس معرفة صدقها أو كذبها من حال الزوج ومكانه ولا مال له ، أو يثبت كونها طارئة من مكان بعيد يتعذر كشف حال زوجها فتحلف اليمين الواجبة في هذا ، وعلى صدقها مما ذكرت ويوقع الطلاق بشرط أن يقال : إن كان الأمر كما ذكر لي ، انتهى بلفظه . وقال ابن فرحون في الفصل التاسع من القسم الأول من الركن السادس في الحكم المعلق على شرط صدق المدعي ما نصه : مسألة في الحاوي في الفتاوى لابن عبد النور ، قال : سئل المازري عن امرأة مجهولة طارئة على بلد قامت على قاضيه فذكرت أن زوجها غاب عنها في بلدها غيبة منقطعة ، ولا يعلم صدقها من كذبها ، وشكت الضيعة فما ترى في أمرها هل تطلق وتزوج أم لا . ؟

                                                                                                                            فأجاب تثبت في أمرها حتى يؤيس من العثور على صدقها من كذبها أو تثبت كونها طارئة من بلد بعيد يتعذر معه الكشف عن حال الزوج فتستحلف حينئذ اليمين الواجبة في مثل هذا وأنها صادقة فيما ذكرت ، ويوقع الطلاق عليها ويكتب لها الحاكم أنه أوقع [ ص: 199 ] عليها الطلاق بشرط أن يكون الأمر كما ذكرت ا هـ . فانظر هذا كله فإنه يقتضي أنه لا يحتاج إلى البينة إذا تعذرت ، وأن القاضي يطلق على الغائب ، ولو كانت المرأة طارئة وأن سفرها بعد زوجها حين لم يترك لها نفقة لا يكون نشوزا ، وأما لو سافرت بغير إذنه لكان نشوزا ، وكذلك لو طلبها بالسفر معه وكان صالح الحال معها فامتنعت من السفر معه ; فإن ذلك يكون نشوزا ، قاله ابن الجلاب في كلامه على النفقة وغيره وانظر الشيخ أبا الحسن في النكاح الثاني والجزولي عند قول الرسالة ، ولا نفقة للزوجة حتى يدخل بها أو يدعى إلى الدخول ، وتقدم عن المسائل الملقوطة عند قول المصنف في باب النكاح في تعدد الأولياء فحاكم فانظره والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية