وأما مدبر [ ص: 96 ] العبد الحربي المستأمن ، فإن كان قيل للحربي ادفعه أو افده ; لأن التدبير في دار الحرب باطل بمنزلة الإعتاق ، فإن الحربي إذا أعتق عبده في دار الحرب كان عتقه باطلا ، وإذا أخرجه إلى دار الإسلام كان له أن يتبعه فكذا إذا دبره في دار الحرب كان له أن يتبعه في دار الإسلام . دبره في دار الحرب ، ثم جنى العبد في دار الإسلام
وإن كان بمحل التبع يخاطب مولاه في جنايته بالدفع أو الفداء ، وإن كان دبره في دار الإسلام فهو بمنزلة مدبر الذمي ; لأن تدبيره في دار الإسلام صحيح كإعتاقه فيتعذر به دفع الرقبة ويلزمه القيمة بجنايته دينا عليه ، فإن لم يكن على العبد منها شيء ; لأن موجب جناية المدبر القيمة دينا في ذمة مولاه والدين في ذمة الحربي لا تعلق له بمدبره ، فإن رجع الحربي بأمان أو مسلما أو أسلم أهل داره أخذه بقيمته كما يؤخذ بسائر الديون الواجبة عليه ، فإن سبي الحربي فالمدبر حر ; لأن نفسه تبدلت بالسبي من صفة المالكية إلى صفة المملوكية وذلك كموته حكما فيعتق به مدبره ; لأن الحرية حياة والرق تلف ولأنه بالرق خرج من أن يكون أهلا للملك فلا يبقى المدبر على ملكه ، ولا يتحمل النقل إلى غيره فيعتق لهذا والجناية تبطل ; لأنها كانت دينا عليه والحربي إذا سبي عليه دين يبطل ، وقد بينا هذا في المأذون . دبره في دار الإسلام ، ثم لحق الحربي بدار الحرب والعبد في دار الإسلام ، ثم جنى جناية
وإن قتل المولى ولم يسب أو مات فالمدبر حر وليس عليه شيء من السعاية للمسلمين ، ولا لورثة الحربي ; لأن حكم الأمان باق في هذا المدبر ، ولا حرمة لحق ورثته من أهل الحرب فلا يجب على المدبر السعاية لحقهم ولكنه مدبر مات مولاه لا وارث له فيعتق كله من غير سعاية .