قال يدفعه إلى الورثة وتبطل الوصية أو يفدونه متطوعين من أموالهم ويعتقونه عن الميت ; لأن الوصية بالعتق لا تصير منفذة بدون التنفيذ فجنى بعد موت المولى قبل أن يعتق كان هو بمحل الدفع ، وهو مبقى على محل ملك المولى فيخاطب من يخلف المولى بالدفع ، وإذا دفعه بطلت الوصية لفوات محلها ، فإذا اختار فداه فهو متطوع في ذلك في غير محله عليه فهو كما لو تبرع أجنبي بالفداء عنه ، وإذا ظهر عن الجناية يعتق عن الميت كما كان يعتق قبل الجناية ، فإن لم يكن له مال غيره وفدوه أعتق واستسعى في ثلثي قيمته ; لأن الوصية بالعتق إنما تنفذ من ثلثه رجل أوصى بعتق عبد له يخرج من ثلثه ، ثم مات الموصي فجنى العبد جناية بعد موته ; لأنه مانع دفع الرقبة بالتدبير السابق كالمسلم ، فإن الذمي ملزم أحكام الإسلام فيما يرجع إلى المعاملات فليس له أن يتبع مدبره كما ليس له أن يتبع أم ولده وسواء ما جنى قبل إسلامه وما جنى بعد إسلامه ما لم يقض عليه بالسعاية لمولاه الذمي من أجل إسلام المدبر ; لأن نفس الإسلام لا يضر ما لم يقض عليه بالسعاية . وجناية المدبر الذمي بمنزلة جناية مدبر المسلم
( ألا ترى ) أن مولاه لو أسلم بقي مدبرا له على حاله فيكون موجب جنايته على مولاه ، فإن قضى القاضي عليه السعاية في قيمته ، ثم جنى كان عليه في كسبه الأقل من قيمته ومن أرش الجناية ; لأنه صار بمنزلة المكاتب بقضاء القاضي .
( ألا ترى ) أن مولاه لو أسلم بعد هذا بقي هو في حكم المكاتب يعتق بأداء القيمة إلا أن يعجز عنها فيكون هو في جنايته كالمكاتب ، وهذا بالإجماع أما عند فلأن المستسعى بمنزلة المكاتب بقضاء القاضي ، وأما أبي حنيفة عندهما فلأنه إنما يسعى ليعتق بخلاف معتق البعض .