وإذا دون المضاربة ; لأن حكم المضاربة في حق المسافرة بالمال قد انتهى بموت رب المال ، وإن لم يعلم به المضارب ، وباعتباره كان ينفق من مال المضاربة ، فنفقته بعد ذلك في سفره على نفسه ، وهو ضامن لما يهلك من المتاع في الطريق ، فإن سلم حتى يبيعه جاز بيعه ; لأن بالموت لا يمتنع عليه بيعه في أي موضع باعه ; كما لا يمتنع عليه ذلك بالنهي عن التصرف بعد علمه به ; لما في التصرف من حق المضارب . سافر المضارب بالمال ، فاشترى به متاعا في بلد آخر ، فمات رب المال وهو لا يعلم بموته ، ثم سافر بالمتاع حتى أتى مصرا ، فنفقة المضارب بعد موت رب المال على نفسه
وقد سبق ثبوت حقه بثبوت حق الورثة ، فلا يبطل لحقهم لو ، لم يكن عليه ضمان ، وكانت نفقته في سفره ، حتى ينتهي إلى المصر ، ويبيع المتاع على المال ; لأنه لا يمكن من المقام في المفازة ، أو في موضع لا يتمكن من بيع المتاع ; كما هو عادة التجار فهو في نفقته على السفر ، إلى أن ينتهي إلى المصر ، ويبيع المتاع موافق لا مخالف فتكون نفقته في المال . كان المضارب خرج بالمتاع من ذلك المصر قبل موت رب المال
ولو كان ، ففي القياس هو ضامن ، ولا يستوجب النفقة في المال ; لأنه ينشئ سفرا بالمال بعد ما انعزل عنه بموت رب المال ، ولا حاجة به إلى ذلك فإنه في موضع آمن ، ويتمكن من التصرف في المال ، وهذا سفره إلى مصر آخر سواء ، وفي الاستحسان : لا ضمان عليه ، ونفقته حتى يبلغ مصر رب المال على المضاربة ; لأن هذا سفر لا يجد المضارب منه بدا ، فإنه لا بد من أن يسلم المال إلى الورثة ليسلم له نصيبه من الربح ، ولا يتأتى له ذلك إلا بالعود إلى مصره ; لأن ورثته فيه بخلاف سائر الأمصار ، والعقد يبقى لأجل الحاجة إليه ; كما إذا مات صاحب السفينة وهي في لجة البحر ، أو مات المكاري للدابة في طريق [ ص: 70 ] الحج . رب المال مات والمضارب بمصر من الأمصار غير مصر رب المال ، والمضاربة متاع في يده فخرج بها إلى مصر رب المال
بخلاف سفره إلى مصر آخر ، فإنه غير محتاج إلى ذلك .
وكذلك لو ، فإني لا أضمنه ما هلك من المتاع في سفره ، وأجعل نفقته في المال استحسانا ; لأنه لا بد من أن يرجع بالمال إلى مصر رب المال ، كما لا بد له من أن يبيعه إذا نهاه في المصر ، فكما أن نهيه في ذلك لا يعمل إيفاء لحق المضارب في حصته من الربح ، فكذلك في هذا المقدار لا يعمل نهيه . كان رب المال حيا ، فأرسل إليه رسولا ينهاه عن الشراء والبيع ، وفي يده متاع ، فخرج بها إلى مصر رب المال