قال فله أن يرد العبد ولا يوجب عليه الإسلام ولا الكفر شيئا ; لأن مشيئته لا تنقطع بردته ثم عندهما خياره لا يمنع دخول العبد في ملكه فرده بالخيار بمنزلة الإخراج عن ملكه وذلك صحيح من المرتد عندهما وعند : مسلم اشترى من مسلم عبدا على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم ارتد المشتري في الثلاثة - والعياذ بالله - خياره يمنع دخول العبد في ملكه فهو بالرد يمتنع من التملك إلا أن يملك غيره شيئا وردته لا تمنعه من ذلك ثم لا خلاف بين [ ص: 65 ] أصحابنا - رحمهم الله - أن البدل الذي من جانب المشروط له الخيار لا يخرج عن ملكه أبي حنيفة فيه ثلاثة أقوال في قول مثل هذا . وللشافعي
وفي قول يخرج ويدخل في ملك الآخر ; لأن العقد منعقد مع شرط الخيار فيثبت حكمه وهو الملك إذ الخيار لا ينافي ذلك كخيار العيب وفي قول آخر يقول : إنه إذا أسقط الخيار تبين أنه كان خارجا من ملكه إلى ملك صاحبه من وقت العقد بناء على أصله أن الخيار ما يقع بعدما انعقد السبب موجبا للملك فإذا زال بسقوط الخيار تبين أن الملك كان ثابتا من وقت السبب ، ووجه قولنا أن العين لا تخرج من ملكه بطريق التجارة إلا بعد تمام رضاه ، وباشتراط الخيار ينعدم رضاه به والسبب بدون الشرط لا يكون عاملا في الحكم كاليمين بالطلاق فإنه سبب لوقوع الطلاق عند وجود الشرط فما لم يوجد الشرط لا يثبت الحكم به ، وعند وجود الشرط لا يتبين أن الحكم كان ثابتا قبله كما في حكم الطلاق وهذا معنى ما يقول : إن البيع بشرط الخيار في حق الحكم كالمتعلق بسقوط الخيار ، وإنما تثبت حقيقة الملك عند سقوط الخيار ولهذا لو كان المشتري أعتقه قبل ذلك لم ينفذ عتقه إلا أن السبب المنعقد في الأصل يسري إلى الزوائد المتصلة والمنفصلة لكونها محلا له فعند وجود الشرط كما يثبت الحكم في الأصل يثبت في الزوائد ، وأما البدل الذي من جانب الآخر على قول رضي الله عنه يخرج في ملكه ولا يدخل في ملك المشروط له الخيار ، وعندهما يدخل في ملك المشروط له الخيار ; لأن البيع لازم في جانب من لا خيار له فيتوفر على البدل الذي في جانبه حكم البيع اللازم وهو الانتقال من ملك أحدهما إلى ملك الآخر ، ولهذا خرج من ملكه ولو لم يدخل في ملك صاحبه بقي مملوكا بلا مالك ، وذلك لا يجوز . أبي حنيفة
وليس من حكم العقد الخروج عن الملك من غير دخول في ملك الغير ، والدليل عليه أن المبيع إذا كان دارا والخيار للمشتري فبيعت دار بجنب هذه الدار كان له حق الشفعة ولو لم يصر مالكا لها لما استحق بها الشفعة كخيار السكنى رضي الله عنه يقول من شرط الخيار لنفسه فقد استثنى الرضا فيما هو حكم العقد ودخول بدل صاحبه في ملكه من حكم العقد كما أن خروج البدل الذي من جانبه عن ملكه من حكم العقد ، فإذا لم يثبت أحدهما لانعدام الشرط فكذلك الآخر لمعنيين أحدهما أنه دخل العوض في ملكه بحكم العقد ، ولم يخرج المعوض عن ملكه اجتمع البدلان في ملك رجل واحد بحكم المعاوضة مع كونها بمحل النقل وذلك لا يجوز ، والثاني أنه لو دخل في ملكه من غير أن يخرج [ ص: 66 ] البدل الآخر عن ملكه كان مالكا بغير عوض ، وليس هذا بموجب البيع إن ثبت الملك به بغير عوض ، وإذا ثبت الملك له بغير عوض فلا يجوز أن يجب عليه العوض بعد ذلك إذن يكون ذلك عوضا يلزمه عن ملك نفسه فالحاصل أنهما بينا مذهبهما على اعتبار حال البدل وأبو حنيفة رضي الله عنه بنى مذهبه على اعتبار حال العاقد ، وأن الذي شرط الخيار لما استثنى الرضا لم يثبت حكم العقد أصلا في حقه لا في البدل الذي من جانبه ولا في البدل الذي من جانب صاحبه واعتبار هذا الجانب أولى لما قررنا ووجوب الشفعة للمشتري بها ; لأنه صار أحق بها تصرفا ; لأنه ملكها بمنزلة العبد المأذون إذا بيعت دار بجنب داره يجب له الشفعة لهذا المعنى ، ولهذا لو أعتقه المشتري نفذ عتقه ; لأنه صار أحق بالتصرف فيه ، وإقدامه على الإعتاق إسقاط منه لخياره ويتفرع على الأصل الذي بينا مسائل وأبو حنيفة