وأما - : فقالت طائفة : لا يجوز الفداء إلا بما أصدقها لا بأكثر - : فكما روينا من طريق ما يجوز فيه الفداء عن عبد الرزاق المعتمر بن سليمان التيمي عن عن ليث بن أبي سليم أن الحكم بن عتيبة قال : لا يأخذ منها فوق ما أعطاها . علي بن أبي طالب
وهذا لا يصح عن ، لأنه منقطع ، وفيه علي . ليث
ومن طريق عن عبد الرزاق ، معمر ، قالا : نا وابن جريج عن أبيه أنه كان يقول : لا يحل له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها ، قال ابن طاوس : وقال لي ابن جريج : إن أخذ زيادة على صداقها ، فالزيادة مردودة إليها - وقال عطاء عن معمر الزهري : لا يحل له أن يأخذ من امرأته أكثر مما أعطاها .
ومن طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي نا أبو بكر - هو المقدمي - نا عمر بن أيوب عن جعفر بن برقان عن قال : من أخذ منها أكثر مما أعطاها فلم يسرح بإحسان . ميمون بن مهران
وقال الأوزاعي كانت القضاة لا تجيز أن يأخذ منها إلا ما ساق إليها .
وقالت طائفة : بكراهة ذلك - كما روينا من طريق عن وكيع عن أبي حنيفة عمار بن عمران الهمداني عن أبيه أن كره أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها . علي بن أبي طالب
ومن طريق عن وكيع عن شعبة الحكم بن عتيبة ، أنهما كرها أن يأخذ من فداء امرأته منها أكثر مما ساق إليها . وحماد بن أبي سليمان
ومن طريق عن وكيع سفيان عن أبي حصين عن عامر الشعبي أنه كره أن . يأخذ من المختلعة أكثر مما أعطاها
[ ص: 520 ] وقالت طائفة : يكره أن يأخذ منها كل ما أعطاها .
كما روينا من طريق عن عبد الرزاق عن معمر عن عبد الكريم الجزري قال : لا أحب أن يأخذ منها كل ما أعطاها حتى يدع لها ما يغنيها . سعيد بن المسيب
وقالت طائفة : يأخذ منها كل ما معها فما دون ذلك إذا تراضيا به .
كما روينا من طريق نا حماد بن سلمة عن أيوب السختياني كثير بن أبي كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة أن امرأة نشزت على زوجها فرفعها إلى ، فذكر القصة ، وأن عمر بن الخطاب قال لزوجها : اخلعها ولو من قرطها . عمر
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب أن حدثته أنها اختلعت من زوجها بكل شيء تملكه فخاصمه في ذلك إلى الربيع بنت معوذ ابن عفراء فأجازه ، وأمره أن يأخذ عقاص رأسها فما دونه . عثمان بن عفان
ومن طريق عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن موسى بن عقبة أن نافع جاءته مولاة لامرأته اختلعت من كل شيء لها وكل ثوب لها حتى من نقبتها - وصح عن ابن عمر عكرمة ، ، وإبراهيم . ومجاهد
وهو قول ، مالك ، والشافعي ، وأصحابهم . وأبي سليمان
وقال : لا يأخذ منها أكثر مما أعطاها ، فإن فعل فليتصدق الزيادة . أبو حنيفة
قال : احتجت الطائفة الأولى - : بما روينا من طريق أبو محمد عن عبد الرزاق قال : قال لي ابن جريج : { عطاء } . أتت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني أبغض زوجي وأحب فراقه ؟ قال : فتردين إليه حديقته التي أصدقك ؟ قالت : نعم ، وزيادة من مالي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما زيادة من مالك فلا ، ولكن الحديقة ، قالت : نعم فقضى عليه الصلاة والسلام بذلك على الزوج
وروي أيضا عن عن ابن جريج . أبي الزبير
قال : وهذا مرسل ، ولقد كان يلزم المالكيين القائلين بأن المرسل كالمسند أن يقولوا به ، ولا حجة عندنا في مرسل - فسقط القول المذكور . أبو محمد
ثم نظرنا في القول الثاني - فوجدنا : ما حدثنا محمد بن سعيد بن نبات نا [ ص: 521 ] أحمد بن عبد الله بن عبد البصير نا نا قاسم بن أصبغ محمد بن عبد السلام الخشني نا نا محمد بن المثنى عن مؤمل بن إسماعيل عن ابن جريج { عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره أن يأخذ في الخلع أكثر مما أعطاها } وهذا مرسل ، فسقط الاحتجاج به .
ولم نجد لقول متعلقا أصلا . ابن المسيب
وأما قول ففي غاية الفساد ، لأنه لا يخلو أخذه الزيادة على ما أعطاها في صداقها من أن يكون حراما أو مباحا فإن كان حراما فواجب رده إليها كما قال أبي حنيفة ، وإن كان مباحا فلم أمروه بالصدقة بالزيادة دون سائر ماله - وهذا ظاهر الخطأ . عطاء
والعجب أنهم يردون كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت بدعواهم أنه زائد على ما في القرآن ، كالمسح على العمامة ، والاستنشاق وغير ذلك ، ثم يأخذون بكلام ساقط متناقض ، مخالف لما في القرآن ، ليس معهم فيه إلا رأي فقط - فوجب الأخذ بعموم قوله تعالى : { أبي حنيفة فلا جناح عليهما فيما افتدت به } .
ومن العجب تمويه بعضهم بقوله تعالى : { وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا } وقوله تعالى : { ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله }
قال : نعم ، لا يحل له أن يأخذ مما آتاها شيئا ، إلا أن تطيب نفسها به - ثم حكم آخر { أبو محمد أن يخافا أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به } عموم لا يحل تخصيصه بالدعاوى الكاذبة .
وقال بعضهم : من أخذ أكثر مما أعطى فلم يسرح بإحسان ؟ فقلنا : لا فرق بين أخذه كل ما أعطاها أو بعض ما أعطاها أو أكثر مما أعطاها بغير حق فحينئذ يكون غير مسرح بإحسان أن يأخذ كل ذلك حيث أباح الله تعالى له أخذه ، فهو مسرح بإحسان ، ولو أباح الله له قتلها لكان محسنا في ذلك .
فإن قيل : أنتم تمنعون من أن يتصدق بجميع ماله أو بما لا يبقى لنفسه غنى بعده ، ومن أن يصدق الرجل بماله كله ، وتبيحون لها أن تعطي مالها كله ؟ [ ص: 522 ] قلنا : إنما نتبع في ذلك أمر الله تعالى فجاء النهي عن الصدقة إلا بما أبقى غنى ، وبأن لا يصدقها إزاره إذ لا غنى به عنه ، وجاء النص بأن { لا جناح عليهما فيما افتدت به } فوقفنا عند كل ذلك ولم نعترض على أوامر الله تعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم بالرأي - وبالله تعالى التوفيق .