[ ص: 178 ] أحكام الإيلاء 1885 - مسألة : ومن ، سواء قال ذلك في غضب أو في رضا لصلاح رضيعها ، أو لغير ذلك - استثنى في يمينه أو لم يستثن - فسواء وقت وقتا - ساعة فأكثر إلى جميع عمره - أو لم يوقت : الحكم في ذلك واحد . حلف بالله عز وجل ، أو باسم من أسمائه تعالى : أن لا يطأ امرأته ، أو أن يسوءها ، أو أن لا يجمعه ، وإياها فراش ، أو بيت
وهو أن الحاكم يلزمه أن يوقفه ، ويأمره بوطئها ، ويؤجل له في ذلك أربعة أشهر من حين يحلف ، سواء طلبت المرأة ذلك أو لم تطلب ، رضيت ذلك أو لم ترض .
فإن فاء في داخل الأربعة الأشهر فلا سبيل عليه ، وإن أبى لم يعترض حتى تنقضي الأربعة الأشهر ، فإذا تمت أجبره الحاكم بالسوط على أن يفيء فيجامع أو يطلق ، حتى يفعل أحدهما ، كما أمره الله عز وجل أو يموت قتيل الحق إلى مقت الله تعالى ، إلا أن يكون عاجزا عن الجماع لا يقدر عليه أصلا ، فلا يجوز تكليفه ما لا يطيق ، لكن يكلف أن يفيء بلسانه ، ويحسن الصحبة ، والمبيت عندها ، أو يطلق ، ولا بد من أحدهما .
ولا يجوز أن يطلق عليه الحاكم ، فإن فعل لم يلزمه طلاق غيره ، وسواء استثنى في يمينه أو لم يستثن .
ومن لم يلزمه حكم الإيلاء ، لكن يجبر على وطئها كما قدمنا قبل . آلى من أجنبية ثم تزوجها
ومن حلف في ذلك بطلاق ، أو عتق ، أو صدقة ، أو مشي ، أو غير ذلك فليس مؤليا ، وعليه الأدب ، لأنه حلف بما لا يجوز الحلف به .
[ ص: 179 ] برهان ذلك : قول الله عز وجل : { للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم } .
فهذه الآية تقتضي كل ما قلنا ، لأن الألية هي اليمين ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { } . من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله
فصح أن من حلف بغير الله تعالى فلم يحلف بما أمره الله عز وجل به ، فليس حالفا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } . من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد
ولم يخص الله تعالى بالحكم المذكور من وقت ممن لم يوقت ، ولا من استثنى ممن لم يستثن ، ولا من طلبته امرأته ممن لم تطلبه ، وهو حق الله عز وجل في عبده لا لها .
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { } من رأى منكم منكرا فليغيره بيده : معلن بالمنكر ، فواجب تغييره باليد ما دام مظهرا للمنكر - ولا يجوز أن يعارض بشيء قبل انقضاء الأربعة الأشهر ، لأنه نص الآية . والآبي من الفيئة أو الطلاق بعد الأربعة الأشهر
وقد صح { } ، فمن فعل كذلك فلا شيء عليه إذا فاء قبل انقضاء الأربعة الأشهر - . أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آلى من نسائه شهرا فهجرهن كلهن شهرا ثم راجعهن
، لأن الله تعالى لم يخص بذلك جماعا من غيره فواجب أن يكلف من الفيئة ما يطيق ، وهو مطيق على الفيئة بلسانه ، ومراجعته مضجعها ، وحسن صحبتها . والعاجز عن الجماع إذا حلف مؤل من امرأته
وقال تعالى : { ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى } .
وقال عز وجل : { وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم } .
فمنع عز وجل من كل شيء إلا عزيمته الطلاق . [ ص: 180 ] فصح أن طلاق الحاكم عليه فضول ، وباطل ، وتعد لحدود الله عز وجل .
ومن الباطل أن يطلق عليه غيره ، أو أن يفيء عنه غيره ، وإنما أوجب الله عز وجل الحكم المذكور على من آلى من امرأته ، لا على من آلى ممن ليست من نسائه ، وإذا لم يلزم الحكم حين كون ما يوجبه لم يلزمه بعد ذلك ، إلا بنص - وبالله تعالى التوفيق .
فإن طلقها ثم راجعها فقد سقط عنه حكم الإيلاء ، لأنه قد فعل ما أمر الله عز وجل ، ومن فعل ما أمره الله تعالى فقد أحسن ، قال الله تعالى : { ما على المحسنين من سبيل } .
وفي كثير مما ذكرنا خلاف ، قد رأى قوم أن له حكم الإيلاء . الهجرة بلا يمين
وروينا من طريق عن عبد الرزاق عن معمر جعفر بن برقان عن : أن يزيد بن الأصم قال له : ما فعلت أهلك عهدي بها لسنة سيئة الخلق ؟ قال : أجل والله لقد خرجت وما أكلمها ، فقال له ابن عباس : عجل السير ، أدركها قبل أن تمضي أربعة أشهر ، فإن مضت فهي تطليقة . ابن عباس
وصح عن ما رويناه من طريق ابن عباس نا عبد الرزاق نا ابن جريج أنه سمع أبو الزبير يحدث عن سعيد بن جبير أنه قال : الإيلاء هو أن يحلف أن لا يأتيها أبدا . ابن عباس
وصح عن أن الإيلاء إنما هو أن يحلف بالله على الجماع أربعة أشهر فأكثر ، فإن لم يحلف فليس إيلاء . وممن قال مثل قولنا بعض السلف - : كما روينا من طريق عطاء عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن حماد بن أبي سليمان ، قال : إذا حلف بالله ليغيظنها ، أو ليسؤنها ، أو ليحرمنها ، أو لا يجمع رأسه ورأسها : فهو إيلاء . إبراهيم النخعي
ومن طريق عن عبد الرزاق خصيف عن الشعبي قال : كل يمين حالت بين الرجل وبين امرأته فهي إيلاء .
وممن قال بقولنا في الأيمان بعض السلف - : كما روينا من طريق عن شعبة عبد الخالق عن في رجل قال حماد بن أبي سليمان ؟ قال ليس بشيء . لامرأته : أنت علي كظهر أمي أن قربتك
[ ص: 181 ] ومن طريق عن عبد الرزاق عن ابن جريج في رجل عطاء ؟ قال قال لامرأته : أنت طالق إن مسستك أربعة أشهر : ليس ذلك بإيلاء ، ليس الطلاق بيمين فيكون إيلاء . عطاء
وخالف في ذلك آخرون : كما روينا من طريق عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : إن أبي الشعثاء : فهو إيلاء . قال : أنت علي حرام ، أو أنت كأمي ، أو أنت طالق إن قربتك
وقال : أبو حنيفة فهو إيلاء ، فإن حلف بنذر صلاة ، أو بأن يطوف أسبوعا ، أو بأن يسبح مائة مرة فليس مؤليا . إن حلف بطلاق أو عتاق أو حج أو عمرة أو صيام
وهذا كلام يغني سماعه عن تكلف الرد عليه ؟ وممن قال مثل قولنا في المدة طائفة - : كما حدثنا محمد بن سعيد بن نبات نا أحمد بن عبد البصير نا نا قاسم بن أصبغ محمد بن عبد السلام الخشني نا نا محمد بن المثنى عن محمد بن كثير عن سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم وبرة ؟ فأتوا في ذلك فيمن حلف أن لا يقرب امرأته عشرة أيام ، فلم يقربها حتى مضت ثلاثة أشهر ، فجعله إيلاء . ابن مسعود
قال سفيان ، وقال ، وغيره : ابن أبي ليلى فهو إيلاء . إذا آلى يوما أو ليلة
ومن طريق عن عبد الرزاق عن ابن جريج : أنه سئل عمن عطاء ؟ فقال حلف أن لا يقرب امرأته شهرا ، فمكث عنها خمسة أشهر : ذلك إيلاء - سمى أجلا أو لم يسمه - فإذا مضت أربعة أشهر - كما قال عز وجل - فهي واحدة - يريد هي تطليقة . عطاء
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر فيمن حلف أن لا يقرب امرأته عشرة أيام فتركها أربعة أشهر ؟ فهو إيلاء . قتادة
ومن طريق نا سعيد بن منصور نا هشيم عن يونس بن عبيد الحسن البصري أنه كان يقول : إذا ؟ فإن كان تركها ليمينه فهو إيلاء . قال الرجل لامرأته : والله لا أقربها الليلة ، فتركها أربعة أشهر
ورويناه أيضا عن . إبراهيم النخعي
وبه يقول إسحاق بن إبراهيم بن راهويه . [ ص: 182 ]
وصح خلاف هذا عن كما ذكرنا ، وعن ابن عباس : إذا طاوس ؟ فليس إيلاء - وهو قول حلف دون أربعة أشهر ، وأحد قولي سعيد بن جبير . عطاء
وهو قول ، سفيان الثوري ، وأصحابه . وأبي حنيفة
وقال ، مالك ، والشافعي ، وأبو ثور ، وأصحابهم : لا يكون مؤليا حلف أن لا يقربها أربعة أشهر فأقل ، إنما المؤلي من حلف على أكثر من أربعة أشهر . وأحمد بن حنبل
قال : كلا القولين خلاف لنص الآية ، إنما ذكر الله تعالى الإيلاء من نسائهم دون توقيف ، ثم حكم بالتوقيف والتربص أربعة أشهر ، ثم حكم بعد انقضاء الأربعة الأشهر بإلزام الفيئة أو الطلاق . أبو محمد
وأما من قال : لا إيلاء إلا ما كان في غضب : فروينا ذلك عن . علي
كما روينا من طريق نا سعيد بن منصور نا هشيم عن داود بن أبي هند سماك بن حرب عن أبي عطية الأسدي قال : قلت : لعلي بن أبي طالب فقلت : هي طالق إن قربتها حتى تفطمه ؟ قال تزوجت امرأة أخي وهي ترضع ابن أخي : إنما أردت الإصلاح لك ولابن أخيك ، فلا إيلاء عليك ، إنما الإيلاء ما كان في الغضب . علي
قال : ونا أبو محمد عن يونس بن عبيد الحسن أنه كان يقول مثل ذلك - قال : ونا هشيم أبو وكيع عن أبي فزارة عن قال : إنما جعل الإيلاء في الغضب . ابن عباس
وممن لم يراع ذلك : ، إبراهيم النخعي - : روينا من طريق وابن سيرين نا سعيد بن منصور نا هشيم القعقاع بن يزيد الضبي أنه قال في قول من يقول : إنما لمحمد بن سيرين ؟ فقال : لا أدري ما يقولون ، قال الله تبارك وتعالى : { الإيلاء في الغضب للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم }
قال صدق أبو محمد أبو بكر - رحمه الله - وهو قول ، أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأصحابهم . وأبي سليمان
وأما الاختلاف في فالذين قالوا بمضي الأربعة الأشهر يقع الطلاق - : [ ص: 183 ] فكما روينا من طريق هل يقع طلاق بمضي الأربعة الأشهر أم لا يقع بذلك طلاق ؟ إسماعيل بن إسحاق القاضي نا نا أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن المبارك عن معمر عن عطاء الخراساني : أن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، عثمان بن عفان ، قالا في الإيلاء : إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة ، وهي أملك بنفسها . وزيد بن ثابت
ومن طريق عن حماد بن سلمة عن قتادة أن خلاس بن عمرو قال : إذا علي بن أبي طالب فقد بانت منه ، ولا يخطبها غيره . آلى منها فمضت الأربعة الأشهر
ومن طريق نا إسماعيل بن إسحاق نا أبو بكر بن أبي شيبة عن أبو معاوية - هو الضرير - عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير ، ابن عمر ، قالا جميعا إذا آلى فلم يفئ حتى تمضي الأربعة الأشهر فهي تطليقة بائنة - قال وابن عباس : ونا إسماعيل نا سليمان بن حرب عن حماد بن زيد قلت أيوب السختياني أكان لسعيد بن جبير يقول في الإيلاء إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة وتتزوج ولا عدة عليها ؟ قال : نعم . ابن عباس
ومن طريق عن وكيع المسعودي عن علي بن بذيمة عن عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن مسروق قال : إذا عبد الله بن مسعود فهي تطليقة بائنة ويخطبها في عدتها ولا يخطبها غيره . آلى منها فمضت أربعة أشهر
قال : هذا خلاف قول أبو محمد ، لأن ابن عباس رأى انقضاء العدة مع انقضاء الأربعة الأشهر . ابن عباس
ورأى أنها تبتدئ العدة بعد انقضاء الأربعة الأشهر . ابن مسعود
وبقول يقول ابن عباس - : ورويناه من طريق جابر بن زيد نا سعيد بن منصور عن سفيان بن عيينة عمرو بن دينار عن قال : جابر بن زيد فليس عليها عدة . إذا آلى الرجل فمضت أربعة أشهر
وبقول يقول ابن مسعود كما روينا من طريق مسروق نا سعيد بن منصور نا هشيم المغيرة عن الشعبي عن أن رجلا استفتاه في إيلائه من امرأته ؟ فقال له مسروق : مسروق بانت منك بتطليقة وتعتد بثلاث حيض فتخطبها إن شئت وشاءت ، ولا يخطبها غيرك . [ ص: 184 ] إذا مضت الأربعة الأشهر
ورويناه أيضا عن - وبه يقول شريح . عطاء
وممن صح عنه أنها تطليقة بائنة ، الحسن البصري ، ، وإبراهيم النخعي وقبيصة بن ذؤيب ، ، وعكرمة مولى ابن عباس ، وعلقمة والشعبي .
وبه يقول ، وأصحابه ، أبو حنيفة ، وابن جريج ، وسفيان الثوري ، وابن أبي ليلى والأوزاعي - ويرى : أن تعتد بعد انقضاء الأربعة الأشهر . أبو حنيفة
وقالت طائفة منهم بمضي الأربعة الأشهر تقع عليها تطليقة رجعية - : كما روينا من طريق عن عبد الرزاق عن معمر الزهري قال : قال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام في الإيلاء : إذا مضت أربعة أشهر ، فهي تطليقة ، وهو أحق بها - وبه يقول الزهري ، . ومكحول
وروي عن ولم يصح عنه . سعيد بن المسيب
وأما من قال : يوقف بعد الأربعة الأشهر - : فكما روينا من طريق نا سعيد بن منصور نا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عائشة أم المؤمنين أنها كانت لا ترى الإيلاء شيئا حتى يوقف .
ومن طريق نا إسماعيل بن إسحاق نصر بن علي الجهضمي نا سهل بن يوسف غندر ، كلاهما عن ومحمد بن جعفر عن شعبة سماك بن حرب عن قال : إن سعيد بن جبير قال في الإيلاء : إذا مضت أربعة أشهر فهي امرأته . عمر بن الخطاب
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام عن حبيب بن أبي ثابت عن طاوس قال : يوقف المؤلي فإما أن يفيء وإما أن يطلق . عثمان بن عفان
ومن طريق نا إسماعيل بن إسحاق عبد الله بن مسلمة - هو القعنبي - نا عن سليمان بن بلال عمر بن حسين أن كان لا يرى الإيلاء شيئا - وإن مضى أربعة أشهر - حتى يوقف . عثمان بن عفان
وصح عن كما روينا من طريق علي نا سعيد بن منصور نا هشيم عن الشيباني - هو أبو إسحاق - بكير بن الأخنس عن عن مجاهد قال : شهدت عبد الرحمن بن أبي ليلى أوقف رجلا عند الأربعة الأشهر بالرحبة : إما أن يفيء وإما أن يطلق . [ ص: 185 ] علي بن أبي طالب
ومن طريق نا إسماعيل بن إسحاق علي بن عبد الله بن المديني نا عن جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب أبي البحتري عن قال : إذا آلى الرجل من امرأته وقف عند تمام الأربعة الأشهر ، وقيل له : إما تفيء ، وإما تعزم الطلاق ؟ ويجبر على ذلك . علي بن أبي طالب
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر أيوب عن عن نافع قال : يوقف المؤلي عند انقضاء الأربعة الأشهر ، فإما أن يفيء ، وإما أن يطلق . ابن عمر
ومن طريق نا حماد بن سلمة عن قتادة ، سعيد بن المسيب ، والقاسم بن محمد بن أبي بكر ، وطاوس ; كلهم : أن ومجاهد قال : يوقف في الإيلاء عند انقضاء الأربعة الأشهر ، فإما أن يطلق وإما أن يفيء . أبا الدرداء
ومن طريق عن سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال : أدركت بضعة عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يقول في الإيلاء : يوقف - وهو قول سليمان بن يسار ، سعيد بن المسيب ، وطاوس ومجاهد والقاسم بن محمد بن أبي بكر ، كلهم صح عنه أن المؤلي يوقف : فإما أن يفيء وإما أن يطلق .
وصح ذلك عن ، عمر بن عبد العزيز ، وعروة بن الزبير وأبي مجلز ، ، كلهم يقول : يوقف . ومحمد بن كعب
ومن طريق نا إسماعيل بن إسحاق نا سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال : أدركت الناس يقفون صاحب الإيلاء إذا مضت أربعة أشهر : فإما أن يفيء وإما أن يطلق - وهو قول سليمان بن يسار . سليمان بن يسار
وهو قول ، مالك " والشافعي ، وأبي ثور ، وأبي عبيد ، وأحمد وإسحاق ، ، وأصحابهم ، إلا أن وأبي سليمان ، مالكا - في أحد قوليه - يقولان : يطلق الحاكم عليه إن أبى . والشافعي
ثم اختلفا - فقال : له أن يراجعها ما دامت في عدتها ، فإن وطئها فذلك سقوط الإيلاء ، وإن لم يطأها عاد عليه التوقيف أربعة أشهر من ذي قبل ، فإن فاء وإلا طلق عليه الحاكم ، ثم له أن يراجعها فإن وطئها سقط الإيلاء ، وإلا عاد عليه التوقيف أربعة أشهر ، ثم يطلق عليه الحاكم ، وتحرم عليه إلا بعد زوج . [ ص: 186 ] الشافعي
قال : وهذا قول فاسد ، لأنه يصير التوقيف في الإيلاء بلا شك عاما كاملا ، وهذا خلاف القرآن ، وإذا بطل التوقيف بطل الإيلاء الذي أوجبه بلا شك . علي
وقال : له أن يراجعها ، فإن وطئها سقط عنه الإيلاء ، وإن لم يطأها بانت عنه عند تمام عدتها من طلاق الحاكم . مالك
قال : وهذا كلام لا ندري كيف قاله قائله ؟ إذ ليس في الباطل أكثر من إجازة كون امرأة في عصمة زوج صحيح الزوجية ، وهي في عدة من طلاق غيره عليه ، وما نعلم في أي دين الله تعالى وجد هذا ؟ أبو محمد
واعلموا أن قول لم يقله أحد قبله ، ولا قاله أحد غيره إلا من ابتلي بتقليده ، ثم إن قوله الذي اتبعه عليه مالك : من أن يطلق عليه غيره ، لم يحفظ قط عن أحد قبل الشافعي - وهو قول مخالف للقرآن ، وللسنن كلها ، وللقياس والمعقول - : أما القرآن - فإن الله عز وجل يقول : { مالك وإن عزموا الطلاق } فجعل عزيمة الطلاق إلى الزوج المؤلي لا إلى غيره .
وقال عز وجل : { ولا تكسب كل نفس إلا عليها } .
فمن الباطل أن يطلق أحد على غيره ، لا حاكم ولا غير حاكم .
وأما السنن - فإنها إنما جاءت في مواضع معروفة بفسخ النكاح ، وإما بطلاق أحد عن غيره فلا أصلا ، وكل من روي عنه في هذا كلمة ، فإنما قال بقولنا : إما أن يفيء ، وإما أن يطلق ؟ فالواجب أن يجبر على أيهما شاء ولا بد .
وأما القياس - فلا أدري من أين أجازوا أن يطلق الحاكم على المؤلي ؟ ولم يجيزوا أن يفيء عنه - ولا فرق بين الأمرين .
فإن قالوا : لا يحل للحاكم أن يستحل فرج امرأة سواه فيكون زنى ؟ قلنا له : ولا يحل له أن يبيح فرج امرأة سواه لغير زوجها بأن يطلقها عليه فيكون إباحة للزنا ولا فرق .
فإن قالوا : أي فرق بين أن يفسخ نكاحه وبين أن يطلقها عليه ؟ قلنا : ولا فرق ، وما أجزنا قط أن يفسخ الحاكم نكاح امرأة في العالم عن زوجها ، ومعاذ الله من ذلك ؟ [ ص: 187 ] إنما قلنا : كل نكاح أوجب الله تعالى في القرآن ، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فسخه : فهو مفسوخ ، سواء أحب الحاكم ذلك أو كرهه ، ولا مدخل للحاكم في ذلك ، ولا رأي له فيه ، إنما الحاكم منفذ بقوة سلطانه كل ما أمر الله تعالى به ورسوله صلى الله عليه وسلم ومانع من العمل بما لم يأمر الله تعالى به ، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم فقط ، وكل ما حكم به الحاكم مما عدا ما ذكرنا فهو باطل مردود مفسوخ أبدا .