؟ 1869 - مسألة : وإن ، فلكل من ذكرنا أن تتزوج قبل أن تضع حملها ، إلا أنه لا يحل للزوج أن يطأها حتى تضع حملها ، كل ذلك بخلاف المطلقة ، أو المتوفى عنها وهي حامل ، فهاتان لا يحل لهما الزواج ألبتة حتى يضعا حملهما ، وحاشا المعتقة الحاملة تختار نفسها ، فإن نكاح هذه مفسوخ ، ولا يحل لها أن تنكح حتى تضع حملها . حملت المرأة من زنى ، أو من نكاح فاسد مفسوخ ، أو كان نكاحا صحيحا ففسخ لحق واجب ، أو كانت أمة فحملت من سيدها ثم أعتقها ، أو مات عنها
برهان ذلك - : أن الحامل المطلقة ، أو المتوفى عنها : هي معتدة بنص القرآن ، وقد حرم الله عز وجل نكاح المعتدة جملة حتى تتم عدتها .
وأما سائر من ذكرنا فلم يأت في القرآن ولا في السنة إيجاب عدة عليهن ، ولا على أحد منهن ، إلا على المعتقة تختار نفسها فقط ، وإذا لم تكن المرأة من عدة ، ولا ذات زوج ، فلها أن تتزوج ، إلا أن يمنع من ذلك نص ، ولا نص يمنع ههنا من الزواج ، ولا يحل بالنص وطء حامل إلا أن يكون الحمل منه .
وقد اختلف الناس فيها - : فقال ، أبو حنيفة ، والشافعي ومحمد بن الحسن - في أحد قوليه - : للحامل من زنى أن تتزوج ، ولا يطؤها حتى تضع حملها . [ ص: 157 ] وأبو يوسف
وقال : وإن خرجت إلينا الحربية مسلمة - وهي حامل من زوجها - فلها أن تتزوج ، ولكن لا يحل له وطؤها حتى تضع حملها ؟ قال أبو حنيفة : وهو قول أصحابنا - وقال أبو محمد على الزانية العدة كاملة . زفر
وقال : لا تتزوج الحامل من زنى حتى تضع حملها ، ولا إن كانت غير حامل ، إلا حتى تعتد ثلاثة قروء ؟ قال مالك : وممن روي عنه مثل قولنا علي - : روينا من طريق عمر بن الخطاب عن مالك قال : خطبت إلى رجل أخته ، فذكر أنها أحدثت - يعني زنت - فبلغ ذلك أبي الزبير فضربه أو كاد يضربه . عمر
وقال : وللخبر قال مالك : وأخبرني ابن وهب بهذا الخبر عن عمرو بن الحارث ، وفيه : أن أبي الزبير قال له : انكح واسكت ؟ قال عمر : فهذا أبو محمد أمرها بالنكاح ، ولم يستثن حتى تتم عدة ، ولا إن كانت حاملا - : ومن طريق عمر نا إسماعيل بن إسحاق علي بن عبد الله نا نا سفيان بن عيينة عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه قال : تزوج سباع بن ثابت بنت موهب بن رباح وله ابن من غيرها ، ولها بنت من غيره ، ففجر الغلام بالجارية ، فظهر بها حمل فسئلت فاعترفت ، فرفع ذلك إلى فاعترفا ، فحدهما وحرض على أن يجمع بينهما ، فأبى الغلام . عمر بن الخطاب
فهذا يبيح للحامل من زنى الزواج بحضرة الصحابة - رضي الله عنهم - لا يعرف له مخالف منهم ، وهم يعظمون مثل هذا لو ظفروا به . عمر
وشغب المخالفون بأن قالوا : قال الله عز وجل : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن }
وبخبر رويناه عن { سعيد بن المسيب نضرة بن أكثم تزوج امرأة فلما غشيها وجدها حبلى ، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صداقها لزوجها ، وأن ما في بطنها عبد له ، وأمر بها فجلدت مائة ، وفرق بينهما } . أن رجلا يقال له
قال : لا عجب أعجب من أن يكون المحتج بهذا الخبر أول مخالف [ ص: 158 ] لكل ما فيه ؟ وأما نحن فلو انسند لقلنا به ، ولكنه منقطع بين أبو محمد سعيد ونضرة ، ولا حجة في منقطع .
وقد روينا من طريق أبي داود نا ابن أبي السري نا أخبرنا عبد الرزاق عن ابن جريج عن صفوان بن سليم { سعيد بن المسيب نضرة قال : تزوجت امرأة بكرا في سترها ، فدخلت عليها ، فإذا هي حبلى ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : لها الصداق بما استحللت من فرجها ، والولد عبد لك ، وإذا ولدت فاجلدوها } ؟ قال عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له : : ولم يذكر ههنا تفريقا ، وهو أقرب إلى أن يموه بإسناده إلا أنه لا يعلم أبو محمد سماع من لسعيد بن المسيب نصرة أو نضرة ، فبطل الاحتجاج به ، ولو صح لقلنا به .
وأما قول الله عز وجل : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } فإنما جاء في المطلقة قال الله عز وجل : { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } وهذا مردود على أول السورة في المطلقات ومحمول عليه ما بعده من قوله تعالى : { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم } الآيات كلها .
وإنما وجب ذلك في المتوفى عنها بخبر سبيعة الأسلمية .
وقالوا : قسنا المنفسخة النكاح بعد صحته أو لفساده في ذلك على المطلقة ؟ قلنا : القياس كله باطل ، ثم لو صح لكان هذا منه عين الباطل ، لأن القياس عند القائلين به إنما هو أن يحكم للشيء بحكم نظيره ، وليس النكاح الصحيح الحلال نظيرا للفاسد الحرام ، الذي لا يحل عقده ، ولا إقراره ، بل هو ضده ، فهو باطل لا نسبة بينه وبين الطلاق على أصول أصحاب القياس .
وأما التي انفسخ نكاحها بعد صحته ، فإن الفسخ لا نسبة بينه وبين الطلاق ، لأن الطلاق لا يكون إلا باختيار الزوج ، وأما الفسخ فلا يراعى اختياره في ذلك .
قال : وكذلك الأمة الحامل من سيدها : يموت عنها ، أو يعتقها أو تحمل [ ص: 159 ] من زنى لا عدة عليها ، وقد ثبت أن المرأة التي لا زوج لها ، ولا هي في عدة ، ولا هي أم ولد ، فإن إنكاحها حلال - وبالله تعالى التوفيق أبو محمد