1820 - مسألة : ولا يحل لأحد أن إماء أو حرائر ، أو بعضهن حرائر وبعضهن إماء . يتزوج أكثر من أربعة نسوة
، الحر والعبد في ذلك سواء ، بضرورة وبغير ضرورة . ويتسرى العبد والحر ما أمكنهما
والصبر عن أفضل . تزوج الأمة للحر
برهان ذلك - : قول الله عز وجل : { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع } .
نا حمام نا عباس بن أصبغ نا محمد بن عبد الملك بن أيمن نا بكر بن حماد نا مسدد نا يزيد نا عن معمر الزهري عن عن أبيه أن سالم بن عبد الله بن عمر غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : { } . اختر منهن أربعا
[ ص: 6 - 7 ] فإن قيل : فإن أخطأ في هذا الحديث [ خطأ فاسدا ] فأسنده ؟ معمرا
قلنا : ثقة مأمون ، فمن ادعى عليه أنه أخطأ فعليه البرهان بذلك ، ولا سبيل له إليه . معمر
وأيضا - : فلم يختلف في أنه لا يحل لأحد زواج أكثر من أربع نسوة أحد من أهل الإسلام ، وخالف في ذلك قوم من الروافض لا يصح لهم عقد الإسلام .
وبقي من هذه المسألة : نكاح الحر الأمة ، وكم ينكح العبد ، وهل يتسرى العبد ؟
فأما نكاح الحر الأمة فاختلف الناس في ذلك - : فروينا عن - ولم يصح - : لا ينبغي لحر أن يتزوج أمة وهو يجد طولا يتزوج به حرة ، فإن فعل فرق بينهما . علي
عن : من ملك ثلاثمائة درهم وجب عليه الحج ، وحرم عليه نكاح الأمة . ابن عباس
[ ص: 8 ] وعن ، أبي هريرة - ولم يصح عنهما - : ما إن يخف نكاح الأمة على الزنا إلا قليلا . وابن عباس
وصح عن : من وجد صداق حرة فلا ينكح أمة ، جابر بن عبد الله . ولا تنكح الأمة على الحرة ، وتنكح الحرة على الأمة
وعن أنه كتب إليه عمر بن الخطاب يعلى بن منبه في رجل تحته امرأتان حرتان ، وأمتان مملوكتان ؟ فكتب إليه : فرق بينه وبين الأمتين . عمر
وعن ، ابن عباس : أنهما كرها أن تنكح أمة على حرة يجمع بينهما . وابن عمر
وعن : لا تنكح الأمة على الحرة إلا المملوك . ابن مسعود
وصح عن قال : تزويج الحرة على الأمة المملوكة طلاق المملوكة - وبه يقول ابن عباس الشعبي .
وروينا عن أنه قال : مما وسع الله تعالى به على هذه الأمة نكاح الأمة والنصرانية وإن كان موسرا - . مجاهد
وروينا عن قال : سألت عبد الرزاق عن نكاح الأمة ؟ فقال : لم ير علي به بأسا . سفيان الثوري
قال : وهو قول أبو محمد . عثمان البتي
وقال : جائز للحر المسلم واجد الطول وللعبد أن ينكحا الأمة ، إلا أن يكون عنده حرة ، قال : فإن كانت في عصمته حرة مسلمة أو كتابية لم يجز له نكاح الأمة ألبتة - لا بإذن الحرة ولا بغير إذنها - فإن فعل فسخ نكاح الأمة - وكذلك لو تزوج أمة وقد طلق زوجته الحرة ثلاثا ، أو أقل ما دامت في عدتها . أبو حنيفة
وجائز عنده نكاح الحرة على الأمة ما لم يتجاوز بالجميع أربعا .
وقال : لا يجوز للحر نكاح أمة إلا باجتماع الشرطين : أن لا يجد صداق حرة ، وأن يخشى العنت ، فإن تزوجها على حرة فسخ نكاح الأمة . مالك
ثم رجع عن ذلك فأباح نكاح الأمة المؤمنة خاصة للفقير وللموسر الحر والعبد . [ ص: 9 ]
قال : فإن كانت عنده حرة فتزوج أمة عليها : خيرت الحرة ، فإن شاءت أقامت عنده ، وإن شاءت فارقته .
قال : فإن رضيت بذلك فله أن يتزوج عليها تمام أربع من الإماء إن شاء ، ولا خيار للحرة بعد .
قال : . ويتزوج العبد الأمة على الحرة
قال : لا يجوز الشافعي ، فإن لم يجد طولا لحرة - وخشي مع ذلك العنت - فله نكاح أمة مؤمنة واحدة ، لا أكثر . نكاح الحر الواجد صداق حرة مؤمنة ، أو كتابية لأمة
وقال مرة : إن ، فله نكاح الأمة المسلمة . لم يجد صداق حرة مسلمة ووجد صداق حرة كتابية
قال : أما قول أبو محمد فهو عار من الأدلة جملة ، وإن كان قد وافق في بعضه بعض السلف فقد خالف قول سائرهم ، وليس قول أحد بأولى من قول غيره إلا ببيان قرآن أو سنة . أبي حنيفة
وأما قول الأول ، وقول مالك الآخر ، فقد يظن أنهما تعلقا بالقرآن ، وأما قولاهما المشهوران عنهما ، فخلاف للقرآن ; لأن قول الشافعي في منع الحر نكاح الأمة بأن تكون عنده حرة ، وإباحته له نكاح الأمة إذا لم تكن عنده حرة ، وإن كان مستطيعا لطول ينكح به الحرة المسلمة ليس تقتضيه الآية أصلا ، ولا جاءت به سنة قط ، إلا أن يتعلق هو مالك بما روينا من طريق وأبو حنيفة نا سعيد بن منصور إسماعيل بن إبراهيم عمن سمع الحسن يقول : { } فهذا منقطع في موضعين هالك . نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح الأمة على الحرة
وأيضا - فليس فيه تخيير الحرة كما ذكر . مالك
وأما تخييره الحرة في البقاء تحت زوجها الحر ، أو فراقه إذا تزوج عليها أمة فقول فاسد لا دليل على صحته ولا نعلم أحدا قال به قبله .
وأما منع من وجد طولا لنكاح حرة كتابية من نكاح الأمة ، فقول لا تقتضيه الآية - فسقطت هذه الأقوال كلها ، إذ ليست موافقة للقرآن ، ولا لشيء من السنن . الشافعي
قال : فالمرجوع إليه إذا اختلف السلف - رضي الله عنهم - هو القرآن ، [ ص: 10 ] قال عز وجل : { أبو محمد ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم } .
فنظرنا في مقتضى هذه الآية ، فوجدنا فيها حكم من لم يجد الطول وخشي العنت ، فأباح نكاح الأمة المؤمنة له ، وأن الصبر خير لنا ، فقلنا بذلك كله فنظرنا في حكم من يجد الطول ولم يخش العنت ، وفي نكاح المسلم الأمة الكتابية فلم نجده فيه أصلا ، لا بإباحة ، ولا بمنع ، ولا بكراهة ، بل هو مسكوت عنه فيها جملة ، فلم يجز لنا أن نحكم له منها بحكم من لم يجد الطول وخشي العنت ، وبحكم الأمة المؤمنة ; لأنه قياس على ما في الآية ، والقياس باطل ، ولم يجز لنا أن نحكم له منها بحكم مخالف لحكم من لا يجد الطول ويخشى العنت ، وبحكم الأمة المؤمنة ; لأنه ليس ذلك في الآية ، وكلاهما تعد لما في الآية وإقحام فيها لما ليس فيها ، فوجب أن نطلب حكم من يجد الطول ولا يخشى العنت - : فوجدنا الله تعالى يقول : { اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن } .
ووجدنا الله تعالى يقول : { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله } .
فكان في هذه الآية بيان جلي في إباحة نكاح الكتابيات جملة لم يخص تعالى حرة من أمة .
وفي الآية الأخرى إباحة نكاح العبيد من المؤمنين عموما ، لم يخص تعالى حرة من أمة ، وإباحة إنكاح الإماء المسلمات لم يخص حرا من عبد .
فكان في هاتين الآيتين بيان نكاح المسلم الغني والفقير ، والعبد والحر عموما ، [ ص: 11 ] بكل حال للحرة المسلمة وللكتابية ، وللأمة المسلمة والكتابية ، ولم يأت قط في سنة ، ولا في قرآن تحريم شيء من ذلك ، ولا كراهة : - فصح ولنا بيقين لا إشكال فيه .
ومن عجائب الدنيا إباحة نكاح الحر واجد الطول غير خائف العنت نكاح الأمة المسلمة ، ومنعه إياه نكاح الأمة الكتابية ، وهذا تحكم في التعلق بالآية لا يجوز - وبالله تعالى التوفيق . مالك
وكذلك إباحته نكاح الأمة على الحرة للعبد ، ومنعه الحر من ذلك - وهذا وإن كان قد روي عن عن مسروق - ولم يصح عنه - فقد أتى عن غيرهما من الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين خلاف ذلك ، وترك الفرق بين شيء من ذلك . ابن مسعود
وأما كم ينكح العبد - : فروينا عن عن عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن عن سليمان بن يسار عبد الله بن عتبة بن مسعود عن قال : ينكح العبد اثنين . عمر بن الخطاب
وعن : أخبرت أن ابن جريج سأل في الناس كم ينكح العبد ؟ فاتفقوا على أن لا يزيد على اثنين . عمر بن الخطاب
وعن : عن عبد الرزاق ، سفيان الثوري قالا : نا وابن جريج جعفر بن محمد عن أبيه أن قال : ينكح العبد اثنتين . علي بن أبي طالب
نا محمد بن سعيد بن نبات نا أحمد بن أحمد بن عبد البصير نا نا قاسم بن أصبغ محمد بن عبد السلام الخشني نا نا محمد بن المثنى عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن ليث بن أبي سليم ، قال : أجمع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن العبد لا يجمع من النساء فوق اثنتين - وهو قول عطاء الحسن ، ، وعطاء ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد ، وسفيان الثوري ، وغيرهم - . والليث بن سعد
وصح عن ، مجاهد والزهري : أنه يتزوج أربعا .
وروي عن الشعبي - ولم يصح عنه - وعن : أنه توقف في ذلك - وبهذا يقول عطاء ، مالك . [ ص: 12 ] وأبو سليمان
قال : وهذا مما خالف فيه المالكيون صحابة لا يعرف لهم من الصحابة مخالف - وهذا مما يعظمونه إذا وافق أهواءهم ؟ أبو محمد
قال : لا حجة في كلام أحد دون كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم . علي
وقد قال الله تعالى : { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع } فلم يخص عبدا من حر ، فهما سواء في ذلك - وبالله تعالى التوفيق .
وأما تسري العبد - : فإن الناس اختلفوا ، فروينا من طريق ، حماد بن سلمة ، كلاهما عن ومعمر عن أيوب السختياني عن نافع : أنه كان يرى مماليكه يتسرون ولا ينهاهم . ابن عمر
ومن طريق عن وكيع عن سفيان الثوري عمرو بن دينار عن أبي معبد عن أنه قال لعبد له في جارية له : استحلها بملك اليمين . ابن عباس
ولا يعرف عن أحد من الصحابة خلاف لهذين - وهو قول الشعبي ، ، وإبراهيم النخعي والحسن البصري ، - وصح ذلك عنهم - وهو قول وعطاء ، مالك ، وما نعلم خلافا في ذلك من تابع ، إلا رواية غير مشهورة عن وأبي سليمان ، إبراهيم والحكم بن عتيبة ، ورواية صحيحة عن أنهم كرهوا للعبد أن يتسرى كراهية ، لا منعا - ولم يجز ذلك ابن سيرين ، ولا أبو حنيفة . الشافعي
قال : وهم يعظمون خلاف الصاحب الذي لا يعرف له من الصحابة مخالف ، وقد خالفوا هاهنا أبو محمد ، ابن عباس ، ولا يعرف لهما من الصحابة رضي الله عنهم مخالف فوجب الرجوع إلى القرآن والسنة فوجدنا الله عز وجل يقول : { وابن عمر والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين } فلم يخص تعالى حرا من عبد ، وقد تكلمنا فيما خلا من كتابنا على صحة ملك العبد لماله فأغنى عن ترداده وبالله تعالى التوفيق .