وأما فإن طائفة قالت : لا نبالي أي الجدات أقرب ، ولا أيتهن أبعد في الميراث سواء . كما روينا من طريق تفاضل الجدات في القرب عن عبد الرزاق عن معمر عن الحجاج بن أرطاة الشعبي قال : كان يساوي بين الجدتين - كانت إحداهما أقرب أو لم تكن أقرب - وروي عنه أيضا : لا يحجب الجدات إلا الأم ، ويرثن - وإن كان بعضهن أقرب من بعض - إلا أن تكون إحداهن أم الأخرى فترث الابنة دون أمها . ابن مسعود
وقول آخر : كما روينا من طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري أشعث عن الشعبي قال : كان يورث ما قرب من الجدات وما بعد منهن ، جعل لهن السدس إذا كن من مكانين شتى ، فإذا كن من مكان واحد ورث القربى . ابن مسعود
وقول ثالث : قاله ، الحسن بن حي ، وهو إن كانت إحدى الجدتين جدة من جهتين ، وكانت الأخرى جدة من جهة واحدة : فللتي من جهتين ثلثا السدس ، وللتي من جهة واحدة ثلث السدس . وزفر بن الهذيل
[ ص: 300 ] مثال ذلك : امرأة تزوج ابن ابنها ابنة ابنتها فولد لهما ولد ، فمات أبواه وجدتاه ولم يترك إلا هذه المرأة التي هي أم أبي أبيه وأم أم أمه ، فهي جدة من جهتين - وجدة أخرى هي أم أم أبيه ، فهي جدة من جهة واحدة .
وقول رابع : وهو أنه إن كانت الجدة التي من جهة الأم أبعد من التي من قبل الأب اشتركتا في الميراث جميعا ، وكذلك إن كانتا سواء ، فإن كانت التي من قبل الأم أقرب من التي من قبل الأب : كان الميراث كله للتي من قبل الأم ، ولا شيء للتي من قبل الأب . كما روينا من طريق نا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال : إذا كانت الجدة من قبل الأم أقرب فهي أحق به ، فإن كانت أبعد فهما سواء . زيد بن ثابت
ومن طريق عن حماد بن سلمة يحيى بن سعيد ، وحميد عن ( أهل المدينة ) ، قالوا : إذا كانت جدتان من قبل الأم ومن قبل الأب ، فإن كانت التي من قبل الأم أقرب فهي أحق بالسدس ، وإن كانت التي من قبل الأب أقرب فالسدس بينهما .
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة قال : أدركت أبي الزناد ، خارجة بن زيد وطلحة بن عبد الله بن عوف ، ، يقولون : إذا كانت جدتان من قبل الأب ومن قبل الأم ، فإن كانت التي من قبل الأم أقرب فهي أحق بالسدس ، وإن كانت أبعد : فهما سواء . وهو قول وسليمان بن يسار - وبه يقول عطاء ، مالك والأوزاعي ، وروي عن . الشافعي
وقول خامس : وهو أيتهن كانت أقرب فهي أحق بالميراث . كما روينا من طريق سفيان ، عن ومعمر الزهري عن قبيصة بن ذؤيب ، فذكر توريث للجدة من قبل الأب أو من قبل الأم ، وفيه : فلما كانت خلافة أبي بكر جاءت الجدة التي يخالفها ، فقال عمر : إنما كان القضاء في غيرك ، ولكن إذا اجتمعتما فالسدس بينكما ، وأيكما خلت به فهو لها عمر
ومن طريق نا وكيع سفيان هو الثوري - عن حميد الطويل عن عمار بن أبي عمار عن : أنه كان يورث القربى من الجدات . [ ص: 301 ] ومن طريق زيد بن ثابت نا سعيد بن منصور نا هشيم محمد بن سالم عن الشعبي : أن علي بن أبي طالب كانا يجعلان السدس للقربى منهما - يعني الجدتين . وزيد بن ثابت
ومن طريق الحجاج بن المنهال نا عن حماد بن زيد عن أيوب السختياني في الجدات قال : إن كانت واحدة فالسدس لها ، وإن كانت اثنتين فالسدس بينهما فإن كن ثلاثا فالسدس بينهن ، وإن كن أربعا فالسدس بينهن ، وأيتهن كانت أقرب فهي أحق ، إنما هي طعمة . محمد بن سيرين
وبه يقول الحسن البصري ، ، ومكحول ، وأصحابه ، وأبو حنيفة ، وسفيان الثوري ، والحسن بن حي وشريك ، - وهو أشهر قولي وداود . الشافعي
قال : أما القول الثاني الذي ذكرنا عن أبو محمد ، والقول الثالث الذي ذكرنا عن ابن مسعود ، والرابع الذي اختاره زفر : فأقوال لا دليل على صحة شيء منها : لا من قرآن ، ولا من سنة ، ولا من رواية سقيمة ، ولا من قول صاحب لا مخالف له ، ولا من إجماع ، ولا من نظر ، ولا قياس ولا من رأي له وجه . مالك
والعجب من تقليد المالكيين لقول في ذلك دون قول زيد الثاني ، فهذا عجب جدا ، فلم يبق إلا القول الأول ، وهذا الآخر . فوجدنا من حجة من ذهب إلى القول الأول أن يقول : الجدة أم ، فكلهن أم ، وكلهن وارثة . زيد
قال : ووجدنا حجة القول الآخر أن ميراث الأب والأم قد صح بالقرآن ، فأول أم توجد ، وأول أب يوجد ، فميراثهما واجب ، ولا تجوز تعديهما إلى أم ولا إلى أب أبعد منهما ، إذ لم يوجب ذلك نص أصلا - وهذا هو الحق - وبالله تعالى التوفيق . علي
وأما ؟ فطائفة قالت : لا ترث . روينا من طريق هل ترث الجدة أم الأب والأب حي عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري محمد بن سالم عن الشعبي قال : كان ، علي بن أبي طالب لا يورثان الجدة مع ابنها . وزيد بن ثابت
وبه إلى عن عبد الرزاق عن معمر الزهري : أن لم يورث الجدة إن كان ابنها حيا - قال عثمان بن عفان الزهري : والناس عليه . [ ص: 302 ] ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن سعيد بن المسيب كان لا يورث الجدة أم الأب وابنها حي . زيد بن ثابت
ومن طريق عمن يثق به عن ابن وهب قال : قال سعيد بن المسيب في الجدة وابنها حي : منعها الذي به تمت . ابن مسعود
ومن طريق نا سعيد بن منصور عن حماد بن زيد كثير بن شنظير عن أن عطاء قال : يحجب الرجل أمه كما تحجب الأم أمها من السدس - كثير لا شيء - وحديث زيد بن ثابت مرسل - وروي هذا عن ابن وهب ، سعد بن أبي وقاص . والزبير بن العوام
وهو قول ، سعيد بن المسيب ، وطاوس والشعبي - وبه يقول سفيان ، والأوزاعي ، ، ومالك ; وأبو حنيفة ، وروي عن والشافعي . داود
والقول الثاني : أنها ترث . كما روينا من طريق ، نا سعيد بن منصور سفيان عن عن ابن أبي ليلى الشعبي قال : قال : إن أول جدة ورثت في الإسلام كانت مع ابنها . ابن مسعود
قال : أقل ما في هذا أن يراد خلاف أبو محمد . أبي بكر
ومن طريق نا وكيع عن حماد بن سلمة عبيد الله بن حميد بن عبد الرحمن عن أبيه قال : مات ابن لحسكة الحبطي فترك حسكة وأما لحسكة ، فكتب إلى أبو موسى الأشعري في ذلك ؟ فكتب إليه عمر : ورثها مع ابنها السدس عمر
ومن طريق نا وكيع سفيان الثوري عن عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي عمرو الشيباني : أنه ورث الجدة مع ابنها ، قال ابن مسعود : ونا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم النخعي قال : لا يحجب الجدات إلا الأم . ابن مسعود
ومن طريق نا سعيد بن منصور نا هشيم سلمة بن علقمة عن عن رجل منهم : أن رجلا منهم مات وترك أم أبيه ، وأم أمه ، وأبوه حي فوليت تركته ، فأعطيت السدس أم أمه ، وتركت أم أبيه ؟ فقيل لي : كان ينبغي لك أن تشرك بينهما ؟ فأتيت حميد بن هلال العدوي فسألته ؟ فقال : أشرك بينهما في السدس ؟ ففعلت عمران بن الحصين
ومن طريق نا سعيد بن منصور عن حماد بن زيد كثير بن شنظير عن الحسن ، أن وابن سيرين ورث أبا موسى الأشعري أم حسكة من ابن حسكة وحسكة حي . [ ص: 303 ] ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر بلال بن أبي بردة أن كان يورث الجدة مع ابنها - وقضى بذلك أبا موسى الأشعري - وهو أمير على بلال البصرة - وهو قول عامر بن واثلة .
ومن طريق نا عبد الرزاق ، هشام بن حسان ، قال ومعمر هشام : عن ، وقال أنس بن سيرين : عن معمر عن أيوب السختياني ، ثم اتفق محمد بن سيرين ، أنس ومحمد : على أن كان يورث الجدة مع ابنها وهو حي . شريحا
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عمرو بن دينار عن قال : ترث الجدة مع ابنها . أبي الشعثاء جابر بن زيد
ومن طريق نا سعيد بن منصور ، خالد ومنصور ، كلاهما عن قال : شهدت أنس بن سيرين أتى في رجل ترك جدتيه : أم أمه ، وأم أبيه ، وأبوه حي : فأشرك بين جدتيه في السدس . شريحا
ومن طريق نا سعيد بن منصور نا هشيم حميد عن الحسن ، في الجدة : أنهما كانا يورثانها مع ابنها ، فهم كما ترى : خلافة وابن سيرين ، أبي بكر ، وعمر الأشعري ، وأبي موسى ، وابن مسعود ، وعمران بن الحصين وعامر بن واثلة ، ، وجابر بن زيد ، وشريح والحسن ، . وابن سيرين
وهو قول ، عروة بن الزبير ، وسليمان بن يسار ومسلم بن يسار ، ، وعطاء بن أبي رباح والمسيب ، ، وسوار بن عبد الله وعبيد الله بن الحسن ، ، وشريك بن عبد الله ، وأحمد بن حنبل ، وفقهاء وإسحاق بن راهويه البصرة - وروي عن أيضا . فوجدنا أهل القول الأول يحتجون بالخبر الذي ذكرنا من طريق داود عمن سمع ابن وهب عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر عن أبيه عن { علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعم جدتين السدس إذا لم تكن أم ، أو شيء دونهما } .
قال : هذا خبر سوء منقطع ما بين أبو محمد ، ابن وهب وعبد الوهاب ، ثم عبد الوهاب متروك ، ثم لا يصح سماع من لمجاهد ، ثم ليس فيه بيان بذكر الأب . علي
وقالوا أيضا : لما حجب أباه وجب أن يحجب أمه .
قال : وهذا قياس والقياس كله فاسد ، ثم لو صح لكان هذا منه غاية الفساد ، [ ص: 304 ] لأنه إنما يحجب أباه بأنه عاصب أولى منه ، والجدة لا ترث بالتعصيب إنما ترث بالسهم ، فبابه غير بابها . علي
ثم يعارضون بأن يقال لهم : كما لا تحجب الأم كذلك لا تحجب الجدة ، وكما لا تحجب أم الأم كذلك لا تحجب أم نفسه .
وقالوا : كما تحجب الأم أمها كذلك يحجب الأب أمه ؟ قلنا : هذا قياس ، والقياس كله باطل ، ثم لو صح القياس لكان هذا منه باطلا ; لأن الأم إنما حجبت أمها لأنها أم أقرب منها ، وليس الأب كذلك .
ثم يقال لهم : كما لا تحجب الأم الجد - وإنما تحجب الجدات - كذلك لا يحجب الأب الجدات ، وإنما يحجب الجد فقط .
وقالوا : حجبها الذي تدلي به - وهذا ليس بشيء ; لأنه قول لم يوجبه قرآن ولا سنة ، وقد وجدنا الجدة من الأب يكون الأب عبدا فلا يحجبها عندهم وهي تدلي به .
فإن قالوا : إنما يحجبها إذا ورث ؟ قلنا : هذه زيادة لم يوجبها برهان قرآن ولا سنة ، فهي لا شيء ، إنما هي دعوى لا نوافقكم عليها ، فهي ساقطة ما لم يوجبها قرآن ولا سنة ولا إجماع .
وقالوا : ميراثها مع وجود الأب مختلف فيه ؟ قلنا : نعم ، فإن لم يوجب ميراثها برهان ، وإلا فلا ميراث لها .
قال : فسقط هذا القول ، إذ لا برهان على صحته ، وبقي أن نثبت صحة قولنا بحول الله وقوته فنقول - وبالله تعالى التوفيق . قد جاء نص القرآن بإيجاب ميراث الأبوين سواء ، فوجب بالقرآن ميراث الأب والجد ، وأبي الجد ، وجد الجد مع الأم ، لأنهم أبوان ، ووجب ميراث الجدة مع الجدة كما قلنا ، ومع الأب ; لأنهما أبوان ، فليس ميراث الأب أولى من ميراث الأم وأمها أمه - وهذا نص لا يسع خلافه . أبو محمد
وكتب إلي أبو الحسن علي بن إبراهيم التبريزي نا أبو الحسين محمد بن عبد الله البصري المعروف بابن اللبان نا أحمد بن كامل بن شجرة القاضي نا أحمد بن عبيد الله [ ص: 305 ] نا نا يزيد بن هارون محمد بن سالم عن الشعبي عن عن مسروق ، رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم { عبد الله بن مسعود } أنه ورث جدة وابنها حي .
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري الأشعث - هو ابن عبد الملك الحمراني - عن قال : { ابن سيرين } أول جدة أطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أب مع ابنها .
ومن طريق الحجاج بن المنهال نا أبو يحيى بكر بن محمد الضرير عن الأشعث بن عبد الملك عن الحسن البصري قال { } . : أول جدة أطعمت السدس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنها حي
قال : عهدنا بالحنفيين ، والمالكيين يقولون : المسند والمرسل سواء ، وهذان مرسلان ومسند صالح ، فليأخذوا بهما . علي
فإن قالوا : لعل ابنها كان عم الميت ؟ قلنا : لا يرد الدين ب " لعل " لكن ابنها هو الأب والعم ، أيهما كانت ورثت معه ، وتخصيص العم بذلك لا يجوز ; لأنه دعوى كاذبة ، وقطع بالظن ، وتفسير بارد للخبر ; لأنه لا فائدة هاهنا في حياة العم ولا في موته - وبالله تعالى التوفيق .