1678 - مسألة : ومن فماله له إلا أن ينتزعه السيد قبل عتقه إياه ، فيكون حينئذ للسيد . كما روينا من طريق أعتق عبدا وله مال نا ابن أبي شيبة غندر عن عن هشام الدستوائي عن أبي الزبير عبد الله بن أبي مليكة : أن عائشة أم المؤمنين قالت لامرأة سألتها وقد أعتقت عبدها : إذا أعتقتيه ولم تشترطي ماله فماله له . ومثله : عن ، وصح عن ابن عمر الحسن ، : في وعطاء ، أن ماله وسريته له ، وولده أحرار ، والعبد إذا أعتق كذلك . روينا من طريق عبد كاتبه مولاه وله مال وولد من سرية له الحجاج بن المنهال عن زياد الأعلم ، وقيس بن سعد ، قال زياد : عن الحسن ، وقال قيس : عن . ومن طريق عطاء عن عبد الرزاق عن معمر الزهري إذا أعتق العبد فماله له .
ومن طريق عن مالك الزهري مضت السنة إذا أعتق العبد يتبعه ماله . [ ص: 207 ] وروي أيضا : عن القاسم ، وسالم ، ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وربيعة ، وأبي الزناد ومحمد بن عبد القاري مثل قول ومكحول الزهري ، قال يحيى : على هذا أدركت الناس ، وقال ، ربيعة ، سواء علم سيده ماله أو جهله - وهو قول وأبو الزناد . وقال أبي سليمان : مال العبد المعتق له ، وأما أولاده فلسيده ، وكذلك حمل أم ولده - ولو أنه بعد عتقه أراد عتق أم ولده لم يقدر لأن حملها رقيق . وقال : هي السنة التي لا اختلاف فيها ، أن العبد إذا أعتق يتبعه ماله ولم يتبعه ولده ، واحتج بأن مالك أخذ مالهما وأمهات أولادهما ، ولم يؤخذ أولادهما ، وأن العبد إذا بيع واشترط المبتاع ماله كان له ، ولم يدخل ولده في الشرط . العبد والمكاتب إذا فلسا أو جرحا
قال : ما رأينا حجة أفقر إلى حجة من هذه ، وإن العجب من هذه السنة التي لا يعرف لها راو من الناس ، لا من طريق صحيحة ولا سقيمة . والخلاف فيها أشهر من ذلك . كما ذكرنا عن أبو محمد ، عطاء والحسن ، بل إنما روي مثل قول عن مالك سليمان بن موسى ، وعمرو بن دينار ، . وقد أجمعت الأمة ، والنخعي معهم في جملتهم ، وهؤلاء : على أن ومالك إلا أن يكون ولد الرجل من أمته الصحيحة الملك ، فإنه حر ، والفاسدة الملك ، فإنه عند بعضهم حر ، وعلى أبيه قيمته أو فداؤه . ولا تخلو أم ولد العبد من أن تكون له ، فولدها له إما حر ، وإما مملوك فتعتق عليه بالملك ، أو لا تعتق ، وإما أن تكون لسيده فلا يحل لأحد وطء أمة غيره إلا بالزواج ، وإلا فهو زنا ، والولد غير لاحق إذا علم أنها أمة غيره ، ولا سبيل إلى ثالث ، وليس في الباطل ، والكلام المتناقض الذي يفسد بعضه بعضا أكثر من أن تكون أمة للعبد لا يحل للسيد وطؤها إلا أن ينتزعها ، ويكون ولدها لسيد أبيه مملوكا ، هذا عجب لا نظير له - ولا أصل له . فبطل هذا القول لظهور فساده . وأعجب منه منعه عتق أم ولده وهو حر وهي أمته من أجل جنينها ، وهم يجيزون عتق الجنين دون أمه وهما لواحد ، فما المانع من عتق أمه دونه وهما لاثنين . [ ص: 208 ] وقال ولد الأمة مملوك لسيد أمه الأوزاعي : كل ما أعطى المرء أم ولده في حياته فهو لها إذا مات لا يعد من الثلث ، ومن أعتق عبده وله مال فما كان بيد العبد مما اطلع عليه سيده فهو للعبد ، وما كان بيد العبد ولم يطلع عليه السيد فهو للسيد - وهذا تقسيم لا برهان على صحته فهو باطل .
وقالت طائفة : مال المعتق لسيده - وهو قول - أبي حنيفة وسفيان ، ، قالوا كلهم : المكاتب ، والموصى بعتقه ، والمعتق ، والموهوب ، والمتصدق به ، وأم الولد يموت سيدها : فمالهم كلهم للمعتق ، أو لورثته . وقال والشافعي : مال المعتق والمكاتب لسيدهما . وقال الحسن بن حي : مال المعتق - وأم الولد : للسيد ولورثته . ابن شبرمة
وقال ، أحمد وإسحاق : مال المعتق لسيده - وروي هذا القول عن الحكم بن عتيبة ، وصح عن . وروينا من طريق قتادة عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن أبي خالد الأحمر عمران بن عمير عن أبيه : أنه كان عبدا فأعتقه ، وقال : أما إن مالك لي ، ثم قال : هو لك . وصح نحوه عن لابن مسعود عن أنس بن سيرين . فنظرنا فيما احتج به من قال : مال المعتق لسيده ، فوجدناهم يذكرون ما روينا من طريق أنس بن مالك نا قاسم بن أصبغ جعفر بن محمد نا محمد بن سابق نا عن سفيان الثوري عبد الأعلى بن أبي المساور حدثني { عمران بن عمير عن أبيه قال لي : أريد أن أعتقك وأدع مالك فأخبرني بمالك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أعتق عبدا فماله للذي أعتقه ابن مسعود } . ومن طريق نا العقيلي عبد الرحمن بن الفضل نا محمد بن إسماعيل نا إسحاق بن إبراهيم بن عمران المسعودي مولاهم سمع عمه يونس بن عمران عن قال : قال القاسم بن عبد الرحمن " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ابن مسعود } . [ ص: 209 ] هذان لا شيء ; لأن من أعتق مملوكا فليس للمملوك من ماله شيء عبد الأعلى بن أبي المساور ضعيف جدا - والآخر منقطع ; لأن القاسم لا يحفظ أبوه عن شيئا فكيف هو . وقالوا : قد صح أن العبد إذا بيع فماله للسيد ، إلا أن يشترطه المبتاع فعتقه كذلك ، وهذا قياس ، والقياس كله باطل . ثم لو صح القياس لكان هذا منه باطلا ، لأن البيع نقل ملك فلا يشبه العتق الذي هو إسقاط الملك جملة ، والقياس عند من قال به إنما هو على ما يشبهه لا على ما لا يشبهه . وقالوا : مال العبد للسيد قبل العتق فكذلك بعد العتق . فقلنا : هذا باطل ما هو له قبل العتق ، إلا أن ينتزعه ، وقد أوضحنا الحجة في أن العبد يملك ويكفي من ذلك قوله تعالى : في الإماء { ابن مسعود فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن } فدخل في هذا الخطاب : الحر ، والعبد . وقوله تعالى : { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله } . فصح أن صداق الأمة لها بأمر الله تعالى يدفعه إليها . وصح أن العبد مأمور بإيتاء الصداق ، فلولا أنه يملك ما كلف ذلك ، ولا نكاح إلا بصداق ، إن لم يذكر في العقد فبعد العقد ، ووعدهم الله بالغنى فهم كسائر الناس - وبالله تعالى التوفيق .
فإذ ماله له فهو بعد العتق كما كان قبل العتق . ثم وجدنا ما روينا من طريق أبي داود نا نا أحمد بن صالح نا ابن وهب عن الليث بن سعد عبيد الله بن أبي جعفر عن عن بكير بن الأشج عن نافع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عمر } . فهذا إسناد في غاية الصحة لا يجوز الخروج عنه . فإن قيل : قد قيل : إن من أعتق عبدا وله مال فمال العبد له إلا أن يشترطه السيد عبيد الله أخطأ فيه ؟ قلنا : إنما أخطأ من ادعى الخطأ على عبيد الله بلا برهان ولا دليل .
[ ص: 210 ] والعجب من الحنفيين الذين لم يروا قول أصحاب الحديث " أخطأ في حديثه عن ضمرة سفيان : من ملك ذا رحم محرمة فهو حر " . وقالوا : لا يجوز أن يدعي الخطأ على الثقة بلا برهان ثم تعلقوا بقول أولئك أنفسهم هاهنا أخطأ عبيد الله ، وتعلق المالكيون بقولهم : أخطأ ، ولم يلتفتوا إلى قولهم : أخطأ ضمرة عبيد الله ، فهل في التلاعب بالدين أكثر من هذا العمل ؟ ونسأل الله العافية .
وأما الشافعيون : فردوا الخبرين معا ، وأخذوا في عدة مواضع بالخطأ الذي لا شك فيه - وبالله تعالى التوفيق .