[ ص: 196 ] مسألة : ومن - قريب أو بعيد - مثل أن يقول : أنت حر غدا ، أو إلى سنة ، أو إلى بعد موتي ، أو إذا جاء أبي ، أو إذا أفاق فلان ، أو إذا نزل المطر ، أو نحو هذا ، فهو كما قال ، وله بيعه ما لم يأت ذلك الأجل ، فإن باعه ثم رجع إلى ملكه فقد بطل ذلك العقد ، ولا عتق له بمجيء ذلك الأجل ، ولا رجوع له في عقده ذلك أصلا ، إلا بإخراجه عن ملكه ; لأن هذا العتق إما وصية ، وإما نذر ، وكلاهما عقد صحيح قد جاء النص بالوفاء بهما ، فلو أعتق إلى أجل مسمى : لم يجز العتق ; لأنه عقد فاسد محرم منهي عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { علق العتق بمعصية ، أو بغير طاعة ولا معصية } لا وفاء لنذر في معصية الله
وقد روينا عن من عطاء ، لم يكن حرا حتى يقول : لله ، وهذا حق ; لأن العتق عبادة لله تعالى ، وبر وقربة إليه تعالى ، فكل عبادة وقربة لم تكن له تعالى مخلصا له بها فهي باطل مردودة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { قال لعبده : أنت حر } . من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد
وقد رويت آثار فاسدة - : منها { } وهو باطل ; لأنه مرسل عن من أعتق لاعبا فقد جاز الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن طريق فيها - وهو مذكور بالكذب - وروي عن إبراهيم بن أبي يحيى : ابن عمر : الطلاق ، والنكاح ، والعتاقة ، والنذر - وهذا لا يصح ; لأنه عن أربع مقفلات لا يجوز فيهن الهزل عن سعيد بن المسيب ، ولم يسمع عمر سعيد من شيئا إلا نعيه عمر . النعمان بن مقرن
ثم لو صح لم يكن لهم فيه متعلق ; لأن ظاهره خلاف قولهم ، بل موافق لقولنا ; لأن الهزل لا يجوز في النكاح ، والطلاق ، والعتق ، والنذر ، فإذ لا يجوز فيها فهي غير واقعة به ، هذا مقتضى لفظ الخبر .
ثم لو صح كما يريدون فلا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن طريق فيها إبراهيم بن عمرو - وهو ضعيف - عن [ ص: 197 ] وهو غير ثقة - عن عبد الكريم بن أبي المخارق جعدة بن هبيرة عن : ثلاث اللاعب فيهن والجاد سواء الطلاق ، والصدقة والعتق . عمر
ثم هم مخالفون لهذا ; لأنهم لا يجيزون - فبعض كلام روي عن صدقة المكره عليها حجة ، وبعضه ليس حجة ، هذا اللعب بالدين . عمر
ومن طريق الحسن عن - : ثلاث اللاعب فيهن كالجاد : النكاح ، والطلاق ، والعتاق - هذا مرسل ، ولم يدرك أبي الدرداء الحسن أبا الدرداء
ومن طريق جابر الجعفي عن عبد الله بن يحيى عن : ثلاث لا لعب فيهن - : النكاح ، والطلاق ، والعتاق ، - علي كذاب ، ثم لو صح لكان ظاهره موافقا لقولنا لا لقولهم ، وهو إبطال اللعب فيهن فإذا بطل ما وقع منها باللعب . جابر
ومن طريق بلغني أن سفيان بن عيينة مروان أخذ من : أربع لا رجوع فيهن إلا بالوفاء - : النكاح ، والطلاق ، والعتاق ، والنذر ونعم ، كل هذه إذا وقعت كما أمر الله تعالى في دين الإسلام فالوفاء بها فرض ، وأما إذا وقعت كما أمر إبليس ، فلا ولا كرامة للآمر والمطيع - ثم ليس في شيء منها ذكر للإكراه على العتق وجوازه ، فوضح بطلان قولهم بلا شك . علي
وأما قولنا : له بيعه ما لم يأت الأجل ، فلأنه عبد ما لم يستحق الحرية { وأحل الله البيع } والتفريق بين الآجال المذكورة باطل ; لأنه قد يجيء ذلك الأجل والعبد ميت ، أو السيد ميت .
وأما قولنا : إنه إن أخرجه عن ملكه ثم عاد إلى ملكه لم يلزمه العتق بمجيء ذلك الأجل ; فلأنه قد بطل العقد بخروجه عن ملكه ، قال تعالى : { ولا تكسب كل نفس إلا عليها } وكل شيء بطل بحق فلا يجوز أن يعود ، إلا أن يأتي نص بعودته ولا نص في عودة هذا العقد بعد بطلانه .
وأما قولنا : لا رجوع له في شيء من ذلك بالقول ، إلا بإخراجه من ملكه فقط ; فلأنها كلها عقود صحاح أمر الله تعالى بالوفاء بها ، وما كان هكذا فلا يحل لأحد إبطاله ، [ ص: 198 ] إذ لم يأت نص بكيفية إبطاله في ذلك أصلا ، فليس له نقض عقد صحيح أصلا ، إلا حيث جاء نص بذلك - وبالله تعالى التوفيق