1477 - مسألة :
فإن جاز أن يباع بيابس ورطب من صنفه ، ومن غير صنفه بأكثر منه ، وبأقل ومثله ، وأن يسلم في جنسه وغير جنسه ما لم يكن بخرصه كما ذكرنا ، وما لم يكن زبيبا كيلا بعنب ; لأن الله تعالى قال : { كان ثمر ما عدا ثمر النخل وأحل الله البيع } .
وقال تعالى : { وقد فصل لكم ما حرم عليكم } .
فلو كان حراما لفصل لنا تحريمه { وما كان ربك نسيا } .
[ ص: 399 ] فإن قيل : قد نهى عن الرطب باليابس وروي { } قلنا : أما أينقص الرطب إذا يبس ، فإن أنه عليه السلام سأل : أينقص الرطب إذا يبس ؟ فقيل : نعم ، فنهى عن بيعه بالتمر ، مالكا وإسماعيل بن أمية روياه عن عبيد الله بن يزيد عن زيد أبي عياش عن ، وقال سعد مرة : زيادة مالك أبي عياش مولى بني زهرة - وهو رجل مجهول لا يدرى من هو - ثم لو صح لما وجب أن يكون ذلك علة لغير ما نص عليه فيه من الرطب بالتمر وحده ; لأنه كان يكون تعديا لحدود الله عز وجل .
ومن العجب العجيب أن يكون صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { الحبشة } . ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا إلا السن والظفر ، أما السن فإنه عظم ، وأما الظفر فإنه مدى
فخالفه الحنفيون ، والمالكيون ، ولا يرون العظمية علة لما يمنع من أن يذكى به ، ولا يرى الشافعيون كون الذي يذكى به من مدى الحبشة علة في منع الذكاة به إلا في الظفر وحده ، ثم يجعلون ما لم يصح عنه من { } علة في جميع الثمار ، فأي عجب أعجب من هذا ؟ وأما الرطب باليابس فلا يصح أصلا ; لأنه أثر رويناه من طريق أينقص الرطب إذا يبس أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث - وهو ضعيف - عن عن الليث بن سعد - وهو ضعيف - وغيره - وهو مجهول - عن أسامة بن زيد عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم { أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف } ومثل هذا لا يحل الاحتجاج به ، ولو صح لما ترددنا في الأخذ به . سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رطب بتمر ؟ فقال : أينقص الرطب ؟ قالوا : نعم ، قال : لا يباع الرطب باليابس
والعجب من الحنفيين الآخذين بكل ضعيف ، ومرسل ، كالوضوء من القهقهة في الصلاة ، والوضوء بالنبيذ ، وغير ذلك ثم يخالفون هذا المرسل وهذا الضعيف .
وأيضا : فإن الشافعيين ، والمالكيين ، المدعين الأخذ بهذا الخبر قد خالفوه ، [ ص: 400 ] لأنهم يبيحون ، وهذا خلاف لعموم الخبر . بيع الرطب من التمر ، والتين ، والعنب ، باليابس من غير جنسه
فإن قالوا : إنما أريد بذلك ما كان من جنسه ؟
قلنا : وما دليلكم على ذلك ؟ وما الفرق بينكم وبين القائل : إنما أريد بذلك ما كان في رءوس أشجاره فقط ؟ وهل هي إلا دعوى بدعوى بلا برهان وحسبنا الله ونعم الوكيل . أبي حنيفة
وروينا من طريق أنا ابن أبي شيبة عن يحيى بن أبي زائدة محمد بن عمرو عن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال { أبي سعيد الخدري } . نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المحاقلة ، والمزابنة ، فالمحاقلة في الزرع والمزابنة في النخل
هذا نص لفظ رضي الله عنه وهذا نص قولنا ; لأنه لم ير المزابنة إلا في النخل وحده ، لا في سائر الثمار - والحمد لله رب العالمين - وما نعلم له من الصحابة رضي الله عنهم مخالفا . أبي سعيد
ومن طريق أنا مسلم عبد الله بن مسلمة القعنبي أنا عن سليمان بن بلال - عن يحيى - هو ابن سعيد الأنصاري عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم [ من أهل دارهم ] منهم بشير بن يسار سهل بن أبي حثمة { } وذكر الحديث . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر بالتمر ، وقال : ذلك الربا تلك المزابنة ، إلا أنه رخص بيع العرية
ومن طريق أنا مسلم محمد بن رمح أنا عن الليث بن سعد عن نافع قال : { ابن عمر } . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة أن يبيع ثمر حائطه إن كانت نخلا بتمر كيلا ، وإن كان كرما أن يبيعه بزبيب كيلا ، وإن كان زرعا أن يبيعه بكيل طعام
قال : لا مزابنة إلا ما بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم الصحابة [ ص: 401 ] رضي الله عنهم بعده أنه مزابنة ، وما عدا ذلك فباطل وخطأ متيقن بلا شك - وبالله تعالى التوفيق . أبو محمد