1466 - مسألة : كالحصاد ، والجداد ، والعطاء ، والزريعة ، والعصير ، وما أشبه هذا - وهو قول ولا يجوز البيع بثمن مجهول ، ولا إلى أجل مجهول ، أبي حنيفة ، والشافعي ; لأن كل ما ذكرنا يتقدم بالأيام ويتأخر فالحصاد ، والجداد ، يتأخران أياما إن كان المطر متواترا ، ويتقدمان بحر الهواء وعدم المطر ، وكذلك العصير ، وأما الزريعة فتتأخر شهرين وأكثر لعدم المطر - وأما العطاء فقد ينقطع جملة . وأبي سليمان
وأيضا : فكل ذلك شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ، وإنما يجوز الأجل إلى ما لا يتأخر ساعة ولا يتقدم ، كالشهور العربية والعجمية ; أو كطلوع الشمس أو غروبها ، أو طلوع القمر أو غروبه ، أو طلوع كوكب مسمى أو غروبه ، فكل هذا محدود الوقت عند من يعرفها ، قال الله تعالى { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } حاشا ما ذكرنا من المبيع إلى الميسرة فهو حق للنص في ذلك ، ولأنه حكم الله تعالى في كل من لا يجد أداء دينه .
النصارى أو اليهود أو فطرهم ، ولا إلى عيد من أعيادهم ; لأنها من زينتهم ولعلهم سيبدو لهم فيهما ، فهذا ممكن . ولا يجوز الأجل إلى صوم
وقال : لا يجوز الأجل إلا بالأهلة فقط وذكر هذه الآية ، وقول الله عز وجل : { الشافعي إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم }
قال : قال الله عز وجل : { أبو محمد إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه } فعم تعالى كل أجل مسمى ولم يخص ، فكانت هذه الآية زائدة على تينك الآيتين ، والزيادة لا يحل تركها ، وليس في تينك الآيتين منع من عقد الآجال إلى غير الأهلة ولا إباحة ، فواجب طلب حكم ذلك من غيرهما ، فإن وجد ما يدل على جوازه قيل به ، وإلا فلا - وهذا قول ، الحسن بن حي ، وأصحابنا . [ ص: 368 ] وأبي سليمان
وأباح مالك فيما خلا ، قال : وأما اليوم فلا ، لأنه ليس الآن معروفا ، وكان معروفا قبل ذلك - البيع إلى العطاء
وأجاز . البيع إلى الحصاد ، والجداد ، والعصير
قال : وينظر إلى عظم ذلك وكثرته ، لا إلى أوله ولا إلى آخره .
قال : ما نعلم في الجهالة أكثر من هذا التحديد ولا غرر أعظم منه . أبو محمد
قال : وقد تبايع الناس بحضرة علي ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم إلى قدوم الراكب - فخالف الحنفيون ، والمالكيون ذلك ، وهم يشنعون بأقل من هذا ، إذا وافق تقليدهم ، ونسوا في هذا الباب احتجاجهم بالأثر الوارد ، { عمار } . المسلمون عند شروطهم
ومن غرائب احتجاجهم أن كلتا الطائفتين ذكرت الخبر الذي رويناه من طريق عن ابن وهب عن جرير بن حازم عن أبي إسحاق السبيعي أم يونس : أن عائشة أم المؤمنين قالت لها أم محبة أم ولد زيد بن أرقم : يا أم المؤمنين ، إني بعت عبدا إلى العطاء بثمانمائة درهم فاحتاج إلى الثمن فاشتريته منه قبل محل الأجل بستمائة ، فقالت زيد بن أرقم عائشة : بئس ما أشريت وبئس ما اشتريت ، أبلغي زيدا أنه قد بطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب فقالت : أرأيت إن تركت وأخذت الستمائة ؟ قالت : نعم : { فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف } .
فقال الحنفيون ، والمالكيون : بتحريم البيع المذكور تقليدا أم المؤمنين رضي الله عنها ولم يقلدوا لعائشة في جوازه ، وقالوا : مثل هذا القول عن أم المؤمنين لا يكون إلا عن توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقولوا : إن فعل زيد بن أرقم زيد لا يكون إلا عن توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن ما كان طريقه التوقيف فليست هي أولى بالقول من . زيد بن أرقم
والتزم الحنفيون هذا الاحتجاج في البيع إلى العطاء ، ولم يرضه المالكيون فيه ؟ فقلنا لهم : يا هؤلاء أين أنتم عن هذا الاحتجاج الكاذب في كل ما تركتم فيه التوقيف الصريح : من أن كل بيعين لا بيع بينهما ما لم يتفرقا إلا أن يخير أحدهما الآخر .
والنهي عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه فأبحتموه على القطع .
والنهي عن بيع الماء فأبحتموه وسائر التوقيفات الثابتة ؟ فهان عليكم تركها [ ص: 369 ] لآرائكم المجردة ، وتأويلاتكم الفاسدة ، ثم التزمتم القول بظن كاذب لا يحل القول به أن ههنا توقيفا من رسول الله صلى الله عليه وسلم كتمته ولم تبلغه ، وهذا هو الكذب ، على رسول الله صلى الله عليه وسلم المكشوف وقبيح الوصف أم المؤمنين رضي الله عنها . لأم المؤمنين
فإن قالوا : تركنا دليل النصوص لتأويل تأولناه واجتهاد رأيناه ؟
فقلنا : ومن أباح لكم ذلك وحظره على - وقلامة ظفره والله قبل أن تفارقه - خير من زيد بن أرقم ، أبي حنيفة ، وكل من اتبعهما ؟ وهو الذي صدقه الله تعالى في القرآن ، وحتى لو كان ههنا نص ثابت بخلاف قوله ، فمن أحق بالتأويل منه في أن يعذر في ذلك لو أخطأ مجتهدا في خلاف القرآن ؟ ومالك
كما تأول أن لا يتيمم الجنب ولا يصلي ولو لم يجد الماء شهرا . ابن مسعود
وكما تأول إذ خطب فمنع الزيادة في الصداق على خمسمائة درهم ، وإذ أعلن بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت ولا يموت حتى يكون آخرنا . عمر
وأم المؤمنين رضي الله عنها إنما قالت هذا القول إن كانت قالته أيضا فلم يرو ذلك عنها من يقوم بنقله حجة .
وإن العجب ليطول ممن رد رواية المهاجرة المبايعة عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم يلزم الناس الحجة برواية فاطمة بنت قيس أم يونس ، وأم محبة ، فلا أكثر من أم يونس ، وأم محبة ، لرأي رأته أم المؤمنين خالفها فيه . زيد بن أرقم
قال : واحتج من أباح البيع إلى العطاء بما رويناه من طريق أبو محمد عن الحجاج بن أرطاة ، عطاء وجعفر بن عمرو بن حريث ، قال : كان عطاء يشتري إلى العطاء ، وقال ابن عمر جعفر عن أبيه : إن دهقانا بعث إلى ثوب ديباج منسوج بالذهب فابتاعه منه علي بن أبي طالب إلى العطاء بأربعة آلاف درهم ، قال عمرو بن حريث : وكان أمهات المؤمنين يتبايعن إلى العطاء . حجاج
ومن طريق عن إسرائيل جابر الجعفي عن الشعبي : لا بأس بالبيع إلى العطاء - وعن أنا ابن أبي شيبة عن أبو بكر الحنفي نوح بن أبي بلال : اشترى مني طعاما إلى عطائه . علي بن الحسين
قال : كل هذا عن علي وناهيك به ضعفا ، وعن حجاج بن أرطاة وهو دون [ ص: 370 ] جابر بدرج ، ولا أدري حجاج نوح بن أبي هلال من هو ؟ ولقد كان يلزم الحنفيين المحتجين برواية في أن العمرة تطوع أن يحتجوا ههنا بروايته ، ولقد كان يلزمهم إذ قلدوا أم المؤمنين فيما خالفها فيه حجاج بن أرطاة أن يقلدوها ههنا ومعها صواحبها أمهات المؤمنين ، زيد بن أرقم ، وعلي ، وأيضا وعمرو بن حريث وغيره ، ولكن القوم متلاعبون . عمار بن ياسر
قال : وروينا من طريق علي عن سفيان بن عيينة عن عبد الكريم الجزري عكرمة عن لا يسلم إلى عصير ، ولا إلى العطاء ، ولا إلى الأندر - يعني البيدر . ابن عباس
ومن طريق عن وكيع عن سفيان الثوري بكير بن عتيق عن لا تبع إلى الحصاد ، ولا إلى الجداد ، ولا إلى الدراس ولكن سم شهرا . سعيد بن جبير
ومن طريق أنا ابن أبي شيبة عن محمد بن أبي عدي سئل عبد الله بن عون عن البيع إلى العطاء ؟ قال : لا أدري ما هو ؟ محمد بن سيرين
ومن طريق أنا ابن أبي شيبة جرير عن منصور عن : أنه كره الشراء إلى العطاء ، والحصاد ، ولكن يسمي شهرا . إبراهيم
ومن طريق أنا ابن أبي شيبة حميد بن عبد الرحمن عن عن الحسن بن صالح بن حي المغيرة عن الحكم : أنه كره البيع إلى العطاء - وهو قول ، سالم بن عبد الله بن عمر . وعطاء