الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      معلومات الكتاب

      نحو قراءة نصية في بلاغة القرآن والحديث

      الأستاذ الدكتور / عبد الرحمن بو درع

      3- القراءة التساندية [1] :

      - القراءة التساندية وآليات المؤول:

      القراءة التساندية إجراء تأويلي ناظم لمعطيات النص ومعطيات سياقه بطريقة مقبولة ومنسجمة، تستند إلى الانتقالات الممكنة التي تسمح بها بلاغة المؤول بين النص وامتداداته، ويهدف التأويل التساندي إلى تحويل التصورات المقترحة إلى آليات قابلة للتجريب، وإنجاز قراءات تأويلية مبنية على قاعدة نظرية تنقل المقاربات من أحادية المنظور التحليلي وانحباسه في منحى ضيق؛ لإعادة الاعتبار لتساند الأدوات والمعطيات وتعاونها في بلوغ الفهم وبناء المعاني، والإفهام.

      فليس التأويل التساندي بحثا في مقاصد المؤلف أو صاحب النص، ولكنه تنظيم للممارسة القرائية والإقرائية، مشروط بقوانين ومحددات وأطر ومرجعيات. وتراهن تأويلية التساند على جعل القارئ منتجا بليغا للمعنى، ينتهي إلى معان مقبولة ومنسجمة، اعتمادا على مسارات وضوابط محددة، ويلزم المؤول امتلاك عدد من المدونات الذهنية والمعرفية والمنهجية والتنسيقية [ ص: 49 ] ومهارات البحث في علوم الآلة وصناعة النص. إن المؤول البليغ يجري تعاونا حقيقيا بين القنوات الدلالية النصية وموازياتها السياقية، وفهم يمزج بين المعطيات الجاهزة والمعرفة الخلفية وبين الحقائق التي تتكون في مسار التأويل، فللمؤول البليغ قدرة على دمج عناصر النص بعضها في بعض؛ وهو قارئ ذو كفاية افتراضية وتصورية، متتبع لجمل النصوص وعلاماتها ورموزها، وذو كفاية موسوعية تمكنه من إشباع الدلالة، وذو كفاية استدلالية وإقناعية، وذو كفاية تنسيقية وتحريرية وإبلاغية، تسمح بتركيب عناصر فهمه في خطاب تأويلي متسق ومنسجم.

      وقد اعتمد الباحث في عرض مساراته التأويلية على ما دعاه بالدوائر النصية التي تتمثل في المدخل اللغوي والاشتقاقي والتراكيب النحوية والبلاغية والقراءات، ثم الدوائر الكبرى التي تغني القراءة، وتتمثل في مجموع العلوم الأنسجة الثقافية التي ترفد التأويل وتدعمه، وكلها تتساند وتتعاون في فهم المعنى وتفهيمه.

      قدم الباحث نموذجين لتأويل نص سورة الفاتحة، هما تفسير الكشاف وتفسير ابن كثير، وبين أن من مهارات المفسر موهبة الأخذ والحفظ وكثرة الاطلاع والجمع بين علوم آلية مساعدة كثيرة، وموهبة التحقيق والدراسة والبحث عن الممكنات الدلالية في النص الموضوع للتأويل، وموهبة التأليف والتركيب والتنسيق، وموهبة التيقظ والتنبه [ ص: 50 ] للإشارات الظاهرة والخفية. ومن اقتصر على فن واحد فليس مؤهلا لبناء معاني النص القرآني.

      إن القراءة التفسـيرية البانية للمعنى ولمقاصـد النص القرآني فعل شمولي توليفي بين مواد مختلفة متساندة، يستخرجه المفسر المؤول لتبليغه وبيانه للناس [2] .

      التالي السابق


      الخدمات العلمية