العشور الصلاحية
لقد كان لعودة القدس إلى المسلمين بعد ما يقارب القرن من الزمان - الذي أسكت فيه صوت التوحيد - دوي هـائل في الساحة الإسلامية، ومحاولات مستميتة من جانب الغرب النصراني، حتى إن فيليب أوغسطس ملك فرنسا، وهنري الثاني ملك انجلترا فرضا ضرائب على الإيراد في بلديهما وصلت إلى عشرة بالمائة سموها: ( العشور الصلاحية ) نسبة إلى صلاح الدين، ورصدت حصيلة هـذه الضريبة لإعادة غزو بيت المقدس، أتعجب بعد هـذا إذا اعتبرنا الصورة الحديثة للحملات الصليبية هـي الهجمة اليهودية، والدعم المادي والعسكري الذي يدفع لها هـو الضريبة والجزية (العشور الصلاحية) لأنها حققت حلم الصليبية العالمية؟! هـذا إذا لم تكن الحملات الصليبية الاستعمارية ابتداء قامت بتحريض من يهود الذين استقرت هـجراتهم في أوروبا، وأنهم هـم الذين دفعوا النصارى صوب الشرق الإسلامي، وأنهم الآن يستفيدون من كل هـذا ويوظفونه لمصلحتهم، هـل تعجب بعد هـذا للقروض والهبات الأمريكية، والجزية الألمانية، والمساعدات الأوروبية بشكل عام؟! لقد كانت إسرائيل قادرة على ابتزاز الشعور الأوروبي الصليبي في مواجهة المسلمين..
وقد تختلف الهجمة اليهودية عن الحملة الصليبية في أنها لم تقتصر على الجيوش، وإقامة القلاع والحصون والقواعد العسكرية، كما كانت الحملات الصليبية، وإنما أريد لها أن تزرع شعبا غريبا مكان الشعب المسلم، وبهذا تسيطر بقوة الجيش، وبقوة سكان مجتمع استيطاني له دولته، وهو كيان معاد دينيا وحضاريا للمنطقة حيث إنه امتداد حضاري وبشري لليهودية العالمية كنسب جنسي، وللغرب النصراني كنسب حضاري وتكنولوجي واستراتيجي.. [ ص: 153 ]