( 5119 ) مسألة ; قال : (
nindex.php?page=treesubj&link=26564_3237وسهم في سبيل الله ، وهم الغزاة يعطون ما يشترون به الدواب والسلاح ، وما ينفقون به على العدو ، وإن كانوا أغنياء ) . هذا الصنف السابع من أهل الزكاة . ولا خلاف في استحقاقهم ، وبقاء حكمهم . ولا خلاف في أنهم الغزاة في سبيل الله ; لأن سبيل الله عند الإطلاق هو الغزو ، قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=244وقاتلوا في سبيل الله } . وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=54يجاهدون في سبيل الله } . وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=4إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا } . وذكر ذلك في غير موضع من كتابه ، فإذا تقرر هذا ، فإنهم يعطون وإن كانوا أغنياء .
وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وإسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ،
nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وصاحباه : لا تدفع إلا إلى فقير . وكذلك قالوا في الغارم لإصلاح ذات البين ; لأن من تجب عليه الزكاة لا تحل له ، كسائر أصحاب السهمان ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال
nindex.php?page=showalam&ids=32لمعاذ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1263أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم ، فترد في فقرائهم } . فظاهر هذا أنها كلها ترد في الفقراء ، والفقير عندهم من لا يملك نصابا . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30092لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة ; لغاز في سبيل الله ، أو لغارم } . وذكر بقيتهم .
ولأن الله تعالى جعل الفقراء والمساكين صنفين ، وعد بعدهما ستة أصناف ، فلا يلزم وجود صفة الصنفين في بقية الأصناف ، كما لا يلزم وجود صفة الأصناف فيهما ، ولأن هذا يأخذ لحاجتنا إليه ، فأشبه العامل والمؤلف ، فأما أهل سائر السهمان ، فإنما يعتبر فقر من يأخذ لحاجته إليها ، دون من يأخذ لحاجتنا إليه . فإذا تقرر هذا ، فمن قال ، إنه يريد الغزو . قبل قوله ; لأنه لا يمكن إقامة البينة على نيته ، ويدفع إليه قدر كفايته لمؤنته وشراء السلاح والفرس إن كان فارسا ، وحمولته ودرعه ولباسه وسائر ما يحتاج إليه لغزوه ، وإن كثر ذلك ، ويدفع إليه دفعا مراعى ، فإن لم يغز رده ; لأنه أخذه كذلك ، وإن غزا وعاد ، فقد ملك ما أخذه ; لأننا دفعنا إليه قدر الكفاية
وإنما ضيق على نفسه . وإن مضى إلى الغزو ، فرجع من الطريق ، أو لم يتم الغزو الذي دفع إليه من أجله ، رد ما فضل معه ; لأن الذي أخذ لأجله لم يفعله كله .
( 5120 ) فصل : وإنما
nindex.php?page=treesubj&link=3239يستحق هذا السهم الغزاة الذين لا حق لهم في الديوان ، وإنما يتطوعون بالغزو إذا نشطوا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : ويعطى ثمن الفرس ، ولا يتولى مخرج الزكاة شراء الفرس بنفسه ; لأن الواجب إيتاء الزكاة ، فإذا اشتراها بنفسه ، فما أعطى إلا فرسا . وكذلك الحكم في شراء السلاح والمؤنة . وقال في موضع آخر : إن دفع ثمن الفرس وثمن السيف ، فهو أعجب إلي ، وإن اشتراه هو ، رجوت أن يجزئه . وقال أيضا : يشتري الرجل من
[ ص: 334 ] زكاته الفرس ، ويحمل عليه ، والقناة ، ويجهز الرجل ; وذلك لأنه قد صرف الزكاة في سبيل الله ، فجاز ، كما لو دفعها إلى الغازي فاشترى بها . قال : ولا يشتري من الزكاة فرسا يصير حبيسا في سبيل الله ، ولا دارا ، ولا ضيعة يصيرها في سبيل الله للرباط ، ولا يقفها على المجاهدين .
لأنه لم يؤت الزكاة لأحد ، وهو مأمور بإتيانها . قال : ولا يغزو الرجل على الفرس الذي أخرجه من زكاة ماله ; لأنه لا يجوز أن يجعل نفسه مصرفا لزكاته ، كما لا يجوز أن يقضي بها دينه ، ومتى أخذ الفرس التي اشتريت بماله ، صار مصرفا لزكاته .
( 5119 ) مَسْأَلَةٌ ; قَالَ : (
nindex.php?page=treesubj&link=26564_3237وَسَهْمٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَهُمْ الْغُزَاةُ يُعْطَوْنَ مَا يَشْتَرُونَ بِهِ الدَّوَابَّ وَالسِّلَاحَ ، وَمَا يُنْفِقُونَ بِهِ عَلَى الْعَدُوِّ ، وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ ) . هَذَا الصِّنْفُ السَّابِعُ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ . وَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْقَاقِهِمْ ، وَبَقَاءِ حُكْمِهِمْ . وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُمْ الْغُزَاةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ; لِأَنَّ سَبِيلَ اللَّهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ هُوَ الْغَزْوُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=244وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ } . وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=54يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } . وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=4إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا } . وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ ، فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا ، فَإِنَّهُمْ يُعْطَوْنَ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ .
وَبِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ ،
وَإِسْحَاقُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12074وَأَبُو عُبَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12918وَابْنُ الْمُنْذِرِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ : لَا تُدْفَعُ إلَّا إلَى فَقِيرٍ . وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الْغَارِمِ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ ; لِأَنَّ مِنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لَا تَحِلُّ لَهُ ، كَسَائِرِ أَصْحَابِ السَّهْمَانِ ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=32لِمُعَاذٍ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1263أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ ، فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ } . فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهَا كُلَّهَا تُرَدُّ فِي الْفُقَرَاءِ ، وَالْفَقِيرُ عِنْدَهُمْ مَنْ لَا يَمْلِكُ نِصَابًا . وَلَنَا ، قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30092لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلَّا لِخَمْسَةٍ ; لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، أَوْ لِغَارِمٍ } . وَذَكَرَ بَقِيَّتَهُمْ .
وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ صِنْفَيْنِ ، وَعَدَّ بَعْدَهُمَا سِتَّةَ أَصْنَافٍ ، فَلَا يَلْزَمُ وُجُودُ صِفَةِ الصِّنْفَيْنِ فِي بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ ، كَمَا لَا يَلْزَمُ وُجُودُ صِفَةِ الْأَصْنَافِ فِيهِمَا ، وَلِأَنَّ هَذَا يَأْخُذُ لِحَاجَتِنَا إلَيْهِ ، فَأَشْبَهَ الْعَامِلَ وَالْمُؤَلَّفَ ، فَأَمَّا أَهْلُ سَائِرِ السَّهْمَانِ ، فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فَقْرُ مَنْ يَأْخُذُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهَا ، دُونَ مَنْ يَأْخُذُ لِحَاجَتِنَا إلَيْهِ . فَإِذَا تُقَرَّرَ هَذَا ، فَمَنْ قَالَ ، إنَّهُ يُرِيدُ الْغَزْوَ . قُبِلَ قَوْلُهُ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى نِيَّتِهِ ، وَيُدْفَعُ إلَيْهِ قَدْرُ كِفَايَتِهِ لِمُؤْنَتِهِ وَشِرَاءِ السِّلَاحِ وَالْفَرَسِ إنْ كَانَ فَارِسًا ، وَحُمُولَتِهِ وَدِرْعِهِ وَلِبَاسِهِ وَسَائِرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِغَزْوِهِ ، وَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ ، وَيُدْفَعَ إلَيْهِ دَفْعًا مُرَاعًى ، فَإِنْ لَمْ يَغْزُ رَدَّهُ ; لِأَنَّهُ أَخَذَهُ كَذَلِكَ ، وَإِنْ غَزَا وَعَادَ ، فَقَدْ مَلَكَ مَا أَخَذَهُ ; لِأَنَّنَا دَفَعْنَا إلَيْهِ قَدْرَ الْكِفَايَةِ
وَإِنَّمَا ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ . وَإِنْ مَضَى إلَى الْغَزْوِ ، فَرَجَعَ مِنْ الطَّرِيقِ ، أَوْ لَمْ يُتِمَّ الْغَزْوَ الَّذِي دُفِعَ إلَيْهِ مِنْ أَجْلِهِ ، رَدَّ مَا فَضَلَ مَعَهُ ; لِأَنَّ الَّذِي أَخَذَ لِأَجْلِهِ لَمْ يَفْعَلْهُ كُلَّهُ .
( 5120 ) فَصْلٌ : وَإِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=3239يَسْتَحِقُّ هَذَا السَّهْمَ الْغُزَاةُ الَّذِينَ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الدِّيوَانِ ، وَإِنَّمَا يَتَطَوَّعُونَ بِالْغَزْوِ إذَا نَشِطُوا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ : وَيُعْطَى ثَمَنَ الْفَرَسِ ، وَلَا يَتَوَلَّى مُخْرِجُ الزَّكَاةِ شِرَاءَ الْفَرَسِ بِنَفْسِهِ ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ إيتَاءُ الزَّكَاةِ ، فَإِذَا اشْتَرَاهَا بِنَفْسِهِ ، فَمَا أَعْطَى إلَّا فَرَسًا . وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي شِرَاءِ السِّلَاحِ وَالْمُؤْنَةِ . وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : إنْ دَفَعَ ثَمَنَ الْفَرَسِ وَثَمَنَ السَّيْفِ ، فَهُوَ أَعْجَبُ إلَيَّ ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ هُوَ ، رَجَوْت أَنْ يُجَزِّئَهُ . وَقَالَ أَيْضًا : يَشْتَرِي الرَّجُلُ مِنْ
[ ص: 334 ] زَكَاتِهِ الْفَرَسَ ، وَيَحْمِلُ عَلَيْهِ ، وَالْقَنَاةَ ، وَيُجَهِّزُ الرَّجُلَ ; وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَفَ الزَّكَاةَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَجَازَ ، كَمَا لَوْ دَفَعَهَا إلَى الْغَازِي فَاشْتَرَى بِهَا . قَالَ : وَلَا يَشْتَرِي مِنْ الزَّكَاةِ فَرَسًا يَصِيرُ حَبِيسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَلَا دَارًا ، وَلَا ضَيْعَةً يُصَيِّرُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِلرِّبَاطِ ، وَلَا يَقِفُهَا عَلَى الْمُجَاهِدِينَ .
لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْتِ الزَّكَاةَ لِأَحَدٍ ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِإِتْيَانِهَا . قَالَ : وَلَا يَغْزُو الرَّجُلُ عَلَى الْفَرَسِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ نَفْسَهُ مَصْرِفًا لِزَكَاتِهِ ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَ بِهَا دَيْنَهُ ، وَمَتَى أَخَذَ الْفَرَسَ الَّتِي اُشْتُرِيَتْ بِمَالِهِ ، صَارَ مَصْرِفًا لِزَكَاتِهِ .