( 5092 ) فصل : واختلف الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم ، في فذهب قسم الفيء بين أهله ، ، رضي الله عنه إلى التسوية بينهم فيه . وهو المشهور عن أبو بكر الصديق رضي الله عنه . فروي أن علي رضي الله عنه سوى بين الناس في العطاء ، وأدخل فيه العبيد ، فقال له أبا بكر : يا خليفة رسول الله ، أتجعل الذين جاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ، وهجروا ديارهم له ، كمن إنما دخلوا في الإسلام كرها ، فقال عمر : إنما عملوا لله ، وإنما أجورهم على الله ، وإنما الدنيا بلاغ . أبو بكر
فلما ولي رضي الله عنه فاضل بينهم ، وأخرج العبيد ، فلما ولي عمر ، سوى بينهم ، وأخرج العبيد . وذكر عن علي ، رضي الله عنه أنه فضل بينهم في القسمة . فعلى هذا يكون مذهب اثنين منهم . عثمان أبي بكر التسوية ، ومذهب اثنين وعلي عمر التفضيل . وروي عن وعثمان رحمة الله عليه أنه أجاز الأمرين جميعا ، على ما يراه الإمام ، ويؤدي اجتهاده إليه . أحمد
فروى عنه الحسن بن علي بن الحسن ، أنه قال : للإمام أن يفضل قوما على قوم . وقال أبو بكر : اختيار أن لا يفضلوا . وهذا اختيار أبي عبد الله . وقال أبي : رأيت قسم الله المواريث على العدد ، يكون الإخوة متفاضلين في الغناء عن الميت ، والصلة في الحياة ، والحفظ بعد الموت ، فلا يفضلون ، وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأربعة الأخماس على العدد ، ومنهم من يعطى غاية الغناء ويكون الفتح على يديه ، ومنهم من يكون محضره إما غير نافع ، وإما ضرر بالجبن والهزيمة ، وذلك أنهم استووا في سبب الاستحقاق ، وهو انتصابهم للجهاد ، فصاروا كالغانمين . الشافعي
والصحيح ، إن شاء الله تعالى أن ذلك مفوض إلى اجتهاد الإمام ، يفعل ما يراه من تسوية وتفضيل ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي الأنفال ، فيفضل قوما على قوم على قدر غنائهم . وهذا في معناه . والمشهور عن ، [ ص: 321 ] رضي الله عنه أنه حين كثر عنده المال ، فرض للمسلمين أعطياتهم ، ففرض للمهاجرين من أهل عمر بدر خمسة آلاف خمسة آلاف ، وللأنصار من أهل بدر أربعة آلاف أربعة آلاف ، وفرض لأهل الحديبية ثلاثة آلاف ثلاثة آلاف ، ولأهل الفتح ألفين ، وقال : بمن أبدأ ؟ قيل له : بنفسك . قال : لا ، ولكن أبدأ بقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فبدأ ببني هاشم ثم ببني المطلب ; لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد } . ثم إنما ببني عبد شمس ; لأنه أخو هاشم لأبويه ، ثم ببني نوفل ; لأنه أخوهما لأبيهما ، ثم الأقرب فالأقرب . قال أصحابنا : ينبغي أن يتخذ الإمام ديوانا ، وهو دفتر فيه أسماء أهل الديوان ، وذكر أعطياتهم ، ويجعل لكل قبيلة عريفا . فقد روى الزهري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف عام حنين على كل عشرة عريفا . وإذا أراد إعطاءهم بدأ بقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما روي عن رضي الله عنه ويقدم الأقرب فالأقرب عمر
ويقدم بني عبد العزى على بني عبد الدار ; لأن فيهم أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن خديجة منهم ، حتى ينقضي قريش ، وهم بنو النضر بن كنانة ، ثم من بعد قريش الأنصار ، ثم سائر العرب ، ثم العجم والموالي ، ثم تفرض الأرزاق لمن يحتاج المسلمون إليهم ، من القضاة ، والمؤذنين ، والأئمة ، والفقهاء ، والقراء ، والبرد ، والعيون ، ومن لا غنى للمسلمين عنه ، ثم في إصلاح الحصون ، والكراع ، والسلاح ، ثم بمصالح المسلمين ، من بناء القناطر والجسور ، وإصلاح الطرق
وكري الأنهار ، وسد بثوقها ، وعمارة المساجد ، ثم ما فضل قسمه على سائر المسلمين ، ويخص ذا الحاجة .