( 4997 ) فصل : وإن ; لأن الولاء مشبه بالنسب ، والنسب ثابت بين أهل الحرب ، فكذلك الولاء . وهذا قول عامة أهل العلم ، إلا أهل أعتق حربي حربيا ، فله عليه الولاء العراق ، فإنهم قالوا : العتق في دار الحرب والكتابة والتدبير لا يصح ، ولو استولد أمته ، لم تصر أم ولد ، مسلما كان السيد أو ذميا أو حربيا . ولنا ، أن ملكهم ثابت ، بدليل قول الله تعالى : { وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم } فنسبها إليهم ، فصح عتقهم كأهل الإسلام ، وإذا صح عتقهم ثبت الولاء لهم ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { } فإن جاءنا المعتق مسلما ، فالولاء بحاله الولاء لمن أعتق
فإن سبي مولى النعمة ، لم يرث مادام عبدا ، فإن أعتق ، فعليه الولاء لمعتقه ، وله الولاء على معتقه ، يحتمل أن يثبت ; لأنه مولى مولاه . ويحتمل أن لا يثبت ; لأنه ما حصل منه إنعام عليه ولا سبب لذلك . فإن كان الذي اشتراه مولاه فأعتقه ، فكل واحد منهما مولى صاحبه يرثه بالولاء . وإن أسره مولاه فأعتقه ، فكذلك . وإن أسره مولاه وأجنبي فأعتقاه ، فولاؤه بينهما نصفين . فإن مات بعده المعتق الأول فلشريكه نصف ماله ; لأنه مولى نصف مولاه على أحد الاحتمالين وهل يثبت لمعتق السيد ولاء على معتقه ؟
والآخر لا شيء له ; لأنه لم ينعم عليه وإن سبي المعتق فاشتراه رجل ، فأعتقه ، بطل ولاء الأول [ ص: 281 ] وصار الولاء للثاني . وبهذا قال ، مالك . وقيل : الولاء بينهما . واختاره والشافعي ; لأنه ليس أحدهما أولى من الآخر . وقيل : الولاء للأول ; لأنه أسبق . ولنا ، أن السبي يبطل ملك الأول الحربي ، فالولاء التابع له أولى ، ولأن الولاء بطل باسترقاقه ، فلم يعد بإعتاقه ابن المنذر
وإن أعتق ذمي عبدا كافرا ، فهرب إلى دار الحرب فاسترق ، فالحكم فيه كالحكم فيما إذا أعتقه الحربي سواء . وإن أعتق مسلم كافرا ، فهرب إلى دار الحرب ، ثم سباه المسلمون ، فذكر أبو بكر ، أنه لا يجوز استرقاقه . وهو قول والقاضي ; لأن في استرقاقه إبطال ولاء المسلم المعصوم . قال الشافعي ابن اللبان : ولأن له أمانا بعتق المسلم إياه . والصحيح ، إن شاء الله ، جواز استرقاقه ; لأنه كافر أصلي كتابي ، فجاز استرقاقه كمعتق الحربي ، وكغير المعتق
وقولهم : في استرقاقه إبطال ولاء المسلم . قلنا : لا نسلم ، بل متى أعتق عاد الولاء للأول ، وإنما امتنع عمله في حال رقه لمانع ، وإن سلمنا أن فيه إبطال ولائه ، فكذلك في قتله ، وقد جاز إبطال ولائه بالقتل ، فكذلك بالاسترقاق ، ولأن القرابة يبطل عملها بالاسترقاق ، فكذلك الولاء . وقول ابن اللبان : له أمان . لا يصح ; فإنه لو كان له أمان ، لم يجز قتله ولا سبيه . فعلى هذا . إن استرق ثم أعتق ، احتمل أن يكون الولاء للثاني ; لأن الحكمين إذا تنافيا كان الثابت هو الآخر منهما ، كالناسخ والمنسوخ .
واحتمل أنه للأول ; لأن ولاءه ثبت وهو معصوم ، فلا يزول بالاستيلاء ، كحقيقة الملك . ويحتمل أنه بينهما ، وأيهما مات كان للثاني . وإن أعتق مسلم مسلما ، أو أعتقه ذمي ، فارتد ولحق بدار الحرب ، فسبي ، لم يجز استرقاقه . وإن اشتري فالشراء باطل ، ولا يقبل منه إلا التوبة أو القتل .