[ ص: 142 ] مسألة ; قال : ( وإذا فهما وصيان ، إلا أن يقول : قد أخرجت الأول ) معنى أوصى إلى رجل . أي جعل له التصرف بعد موته ، فيما كان له التصرف فيه ، من قضاء ديونه ، واقتضائها ، ورد الودائع ، واستردادها ، وتفريق وصيته ، والولاية على أولاده الذين له الولاية عليهم من الصبيان والمجانين ومن لم يؤنس رشده ، والنظر لهم في أموالهم بحفظها ، والتصرف فيها بما لهم الحظ فيه . فأما من لا ولاية له عليهم ، كالعقلاء الراشدين ، وغير أولاده من الإخوة والأعمام وسائر من عدا الأولاد ، فلا تصح الوصية عليهم ; لأنه لا ولاية للموصي عليهم في الحياة ، فلا يكون ذلك لنائبه بعد الممات . ولا نعلم في هذا كله خلافا . وبه يقول أوصى إلى رجل ، ثم أوصى بعده إلى آخر ، ، مالك ، وأبو حنيفة ، إلا أن والشافعي أبا حنيفة قالا : للجد ولاية على ابن ابنه وإن سفل ; لأن له ولادة وتعصيبا ، فأشبه الأب . ولأصحاب والشافعي في الأم عند عدم الأب والجد وجهان ; أحدهما ، أن لها ولاية ; لأنها أحد الأبوين ، فأشبهت الأب . ولنا ، أن الجد يدلي بواسطة ، فأشبه الأخ والعم وفارق الأب ، فإنه يدلي بنفسه ، ويحجب الجد ، ويخالفه في ميراثه وحجبه ، فلا يصح إلحاقه به ، ولا قياسه عليه . وأما المرأة فلا تلي ; لأنها قاصرة لا تلي النكاح بحال ، فلا تلي مال غيرها ، كالعبد ، ولأنها لا تلي بولاية القضاء ، فكذلك بالنسب . إذا ثبت هذا ، فإنه إذا أوصى إلى رجل ، ثم أوصى إلى آخر ، فهما وصيان ، إلا أن يقول : قد أخرجت الأول أو قد عزلته ; لما ذكرنا فيما إذا أوصى بجارية الشافعي لبشر ، ثم أوصى بها لبكر . ولأنه قد وجدت الوصية إليهما من غير عزل واحد منهما ، فكانا وصيين ، كما لو أوصى إليهما دفعة واحدة . فأما إن أخرج الأول انعزل ، وكان الثاني هو الوصي ، كما لو عزله بعد الوصية إلى الثاني .