( 4526 ) مسألة قال : ( وإن كان الملتقط قد مات ، فصاحبها غريم بها ) . وجملة ذلك أن ، قام وارثه مقامه في إتمام تعريفها إن مات قبل الحول ، ويملكها بعد إتمام التعريف ، فإن مات بعد الحول ، ورثها الوارث ، كسائر أموال الميت ، ومتى جاء صاحبها ، أخذها من الوارث ، كما يأخذها من الموروث ، فإن كانت معدومة العين ، فصاحبها غريم للميت بمثلها إن كانت من ذوات الأمثال ، أو بقيمتها إن لم تكن كذلك ، فيأخذ ذلك من تركته إن اتسعت لذلك ، وإن ضاقت التركة زاحم الغرماء ببدلها ، سواء تلفت بعد الحلول بفعله أو بغير فعله ; لأنها قد دخلت في ملكه بمضي الحول الملتقط إذا مات ، واللقطة موجودة بعينها
وإن علم أنها تلفت قبل الحول بغير تفريطه ، فلا ضمان عليه ، ولا شيء لصاحبها ; لأنها أمانة في يده تلفت بغير تفريطه ، فلم يضمنها ، كالوديعة ، وكذلك إن تلفت بعد الحول قبل تملكها من غير تفريط ، على رأي من رأى أنها لا تدخل في ملكه حتى يتملكها . وقد مضى الكلام في ذلك . فأما إن لم يعلم تلفها ، ولم يجدها في تركته ، فظاهر كلام أن صاحبها غريم بها ، سواء كان قبل الحول أو بعده ; لأن الأصل بقاؤها ويحتمل أن لا يلزم الملتقط شيء ، ويسقط حق صاحبها ، لأن الأصل براءة ذمة الملتقط منها الخرقي
ويحتمل أن تكون قد تلفت بغير تفريطه ، فلا تشغل ذمته بالشك . ويحتمل أنه إن كان الموت قبل الحول فلا شيء عليه ; لأنها كانت أمانة عنده ، ولم تعلم جنايته فيها ، والأصل براءة ذمته منها . وإن مات بعد الحول ، فهي في تركته ; لأن الأصل بقاؤها إلى ما بعد الحول ، ودخولها في ملكه ، ووجوب بدلها عليه . فإن قيل : فقد قلتم إن صاحبها لو جاء بعد بيع الملتقط لها ، أو هبته ، لم يكن له إلا بدلها ، فلم قلتم إنها إذا انتقلت إلى الوارث يملك صاحبها أخذها ؟ قلنا : لأن الوارث خليفة [ ص: 20 ] الموروث
، وإنما يثبت له الملك فيها على الوجه الذي كان ثابتا لموروثه ، وملك موروثه فيها كان مراعاة مشروطا بعدم مجيء صاحبها ، فكذلك ملك وارثه ، بخلاف ملك المشتري والمتهب ، فإنهما يملكان ملكا مستقرا .